فعلا، إلا أنه ليس شكا حادثا غير الشك الذي كان موجودا (أولا) وقد فرضنا عدم شمول دليل الأصل له للمعارضة، فكيف يشمله بعد الاتيان بإحدى الصلاتين. وكيف يعود الأصل الساقط بعد سقوطه؟
(ان قلت): لا مانع من ذلك بعد اطلاق الدليل لكل حال من الحالات وانما رفع اليد عنه قبل الاتيان بإحدى الصلاتين للمعارضة، والضرورات نقدر بقدرها، فإذا ارتفعت المعارضة باتيان إحدى الصلاتين لا مانع من التمسك باطلاق دليل الأصل بالنسبة إلى الطرف الآخر. (و بعبارة أخرى) الامر في المقام دائر بين رفع اليد عن أصل الدليل ورفع اليد عن اطلاقه. وبما ان الموجب لرفع اليد هو المحذور العقلي وهو لزوم الترخيص في المعصية، فيقتصر فيه على مورده وهو صورة تعارض الأصلين وأما إذا فرض عدم جريان الأصل في بعض الأطراف ولو بقاء، فلا مانع من جريان الأصل في الطرف الآخر.
(قلت): نعم ليس الموجب لرفع اليد عن الدليل إلا المحذور العقلي، و لكنه كما يقتضي عدم شمول دليل الأصل للطرفين في زمان واحد، كذلك يقتضي عدم شموله لهما في زمانين أيضا. فإذا علم بحرمة أحد المائعين، فكما لا يمكن الحكم بحليتهما معا في زمان واحد، كذلك لا يمكن ان يحكم بحلية أحدهما في زمان، و يحكم بحلية الآخر في زمان آخر، فإنه من الترخيص في المعصية، فلا يمكن جريان الأصل في كليهما على كل نحو، للزوم الترخيص في المعصية، ولا في أحدهما لعدم الترجيح.
هذا كله فيما إذا كان العلم الاجمالي باقيا على حاله، وكان الشك شكا في الانطباق. وأما إذا زال بتبدله بالعلم التفصيلي بحرمة أحد المائعين بخصوصه من أول الامر، فالشك في نجاسة الآخر (لو فرض) شك حادث لا مانع من شمول دليل الأصل له. ولا فرق فيما ذكرناه بين زوال العلم الاجمالي بالوجدان