كونه متعلقا بالتكليف الفعلي، فاختار عدم تنجيزه في المقام وجواز الرجوع إلى الأصول في جميع الأطراف، إذ المفروض تردد التكليف فيه بين أن يكون فعليا وأن يكون مشروطا بشرط غير حاصل، فلا علم بالتكليف الفعلي، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل بالنسبة إلى الطرف المبتلى به فعلا، كما لا مانع منه بالنسبة إلى الطرف الآخر في ظرف الابتلاء به.
ونظر شيخنا الأنصاري (ره) إلى أن العلم بالملاك التام الفعلي بمنزلة العلم بالتكليف، فالتزم بعدم تنجيز العلم الاجمالي عند عدم العلم بالملاك التام فعلا، وبتنجيزه فيما إذا علم الملاك التام فعلا لان الترخيص في تقويت الملاك الملزم فعلا بمنزلة الترخيص في مخالفة التكليف الفعلي، إذ عدم فعلية التكليف إنما هو لوجود المانع مع تمامية المقتضى، وهو لا يرفع قبح الترخيص في تقويت الملاك الملزم. ومن هنا التزم شيخنا الأنصاري (ره) بتنجيز العلم الاجمالي في مسألة العلم بالنذر المردد تعلقه بأمر حالي أو استقبالي، وبعدم تنجيزه في مسألة علم المرأة بالحيض المردد بين أيام الشهر، فتمسك باستصحاب عدم تحقق الحيض إلى الآن الأول من ثلاثة أيام في آخر الشهر، وبالبراءة بعده، والوجه في رجوعه من الاستصحاب إلى البراءة هو أن المرأة بعد تحقق الآن الأول من ثلاثة أيام في آخر الشهر يحصل لها العلم بتحقق حيض وطهر قبل ذلك الآن. وبما ان تاريخ كل منهما مجهول، فالاستصحاب غير جار للمعارضة على مسلكه، ولعدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين على مسلك صاحب الكفاية (ره)، فلا مجال لجريان الاستصحاب على كل حال فيرجع إلى البراءة.
والتحقيق هو ما ذهب إليه المحقق النائيني (ره) من تنجيز العلم الاجمالي وعدم جواز الرجوع إلى الأصل في شئ من الطرفين. أما فيما تم فيه الملاك فعلا فقد عرفت وجهه. واما فيما لم يتم فلما تقدم في بحث مقدمة الواجب من استقلال