أن المعتبر في نفي الحكم هو الحرج الشخصي، كما هو الحال في الضرر، وهو يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان وغير ذلك من الخصوصيات. فلا دليل على نفي الحكم بالنسبة إلى شخص لا حرج عليه. وسيجئ تفصيل الكلام في ذلك عند التعرض لقاعدة نفي الضرر إن شاء الله تعالى. وتوهم عدم شمول أدلة نفي الحرج لمثل المقام مما كان العسر في تحصيل الموافقة القطعية لا في متعلق التكليف نفسه. بدعوى - أنها ناظرة إلى أدلة الاحكام الأولية الثابتة بجعل الشارع، ومخصصة لها بما إذا لم يكن متعلقها حرجيا، وليست ناظرة إلى الحكام الثابتة بحكم العقل. والمفروض فيما نحن فيه عدم الحرج في الاتيان بمتعلق التكليف الشرعي وإنما الحرج في تحصيل الموافقة القطعية الواجبة بحكم العقل، فالأدلة المذكورة لا تدل على نفى وجوبها - مدفوع بأن أدلة نفي الحرج وإن كانت ناظرة إلى الأحكام الشرعية لا الاحكام العقلية، الا انها ناظرة إلى مقام الامتثال، بمعنى ان كل حكم كان امتثاله حرجا على المكلف فهو منفي في الشريعة، فان جعل الحكم وانشاءه إنما هو فعل المولى، ولا يكون حرجا على المكلف أبدا، وحينئذ فان كان إحراز امتثال التكليف المعلوم بالاجمال حرجا على المكلف، كان التكليف المذكور منفيا في الشريعة بمقتضى أدلة نفي الحرج، فلا يبقى موضوع لحكم العقل بوجوب الموافقة القطعية.
(الخامس) - رواية الجبن (1) المدعى ظهورها في عدم تنجيز العلم الاجمالي