إن كان في مرتبة علل الاحكام وملاكاتها، فيستتبع الحكم المولوي، وان كان في مرحلة الامتثال المترتب على ثبوت الحكم الشرعي كحكمه بلزوم الإطاعة فلا يستتبع الحكم المولوي بل يكون الامر في هذا المقام ارشاديا، والامر بالاحتياط من هذا القبيل.
ثم ذكر (ره) أنه يمكن أن لا يكون الامر بالاحتياط ناشئا عن مصلحة إدراك الواقع، بل يكون ناشئا عن مصلحة في نفس الاحتياط، كحصول قوة للنفس باعثة على الطاعات وترك المعاصي، وحصول التقوى للانسان وإلى هذا المعنى أشار (ع) بقوله (من ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك) والوجه فيه ظاهر فان حصول الملكات الحميدة أو المذمومة تدريجي ولترك الشبهات في ذلك اثر بين، وعليه فيمكن أن يكون الامر بالاحتياط بهذا الملاك، وهو ملاك واقع في سلسلة علل الأحكام، فيكون الامر الناشئ عنه مولويا.
أقول أما ما ذكره (ثانيا) من امكان أن يكون الامر بالاحتياط مولويا بملاك حصول التقوى وحصول القوة النفسانية فمتين جدا. وأما ما أفاده (أولا) من كون الامر بالاحتياط إرشاديا لكونه واقعا في سلسلة معلول الحكم، ففيه أن مجرد ورود الامر في مرحلة معلولات الاحكام لا يستلزم الارشادية، فلا يجوز رفع اليد عن ظهور اللفظ في المولوية ولا يقاس المقام بالامر بالطاعة لان الامر بالطاعة يستحيل فيه المولوية ولو لم نقل باستحالة التسلسل، لأن مجرد الامر المولوي ولو لم يكن متناهيا لا يكون محركا للعبد ما لم يكن له إلزام من ناحية العقل فلابد من أن ينتهي الأمر المولوي في مقام المحركية نحو العمل إلى الالزام العقلي، فلا مناص من أن يكون الامر الوارد في مورده إرشادا إلى ذلك وهذا بخلاف الامر بالاحتياط، فان حسن الاحتياط وإن كان من المستقلات العقلية الواقعية في سلسلة معلولات الأحكام الشرعية الواقعية، إلا أن العقل بما أنه لا يستقل بلزوم الاحتياط