لكل مورد لم يجعل الالزام فيه بخصوصه، كما كان عمل الأصحاب على ذلك في صدر الاسلام، ويستفاد أيضا من ردعه صلى الله عليه وآله أصحابه عن كثرة السؤال على ما في روايات كثيرة. وعليه فيكون استصحاب عدم جعل الالزام مثبتا لموضوع الترخيص، فيكون حاكما على استصحاب عدم جعل الترخيص.
و (ثانيا) - لا مانع من جريان كلا الاستصحابين بعد ما لم يلزم منه مخالفة عملية للتكليف الإلزامي، فإذا ثبت عدم جعل الالزام وعدم الترخيص بمقتضى الاستصحابين، كفى ذلك في نفي العقاب، لان استحقاقه مترتب على ثبوت المنع، ولا يحتاج نفيه إلى ثبوت الترخيص، فإذا ثبت عدم المنع ينتفي العقاب ولو لم يثبت الترخيص. نعم الآثار الخاصة المترتبة على عنوان الإباحة لا تترتب على استصحاب عدم جعل الالزام، فإذا فرض مورد كان الأثر الشرعي مترتبا على الإباحة لا مناص فيه من الرجوع إلى أصالة الإباحة، ولا يكفي فيه الرجوع إلى استصحاب عدم المنع كما هو ظاهر.
(ان قلت) لا يصح التمسك باستصحاب عدم الجعل في الشبهات الموضوعية، لان مورد الشبهة لم يجعل له الحكم بشخصه يقينا. واما الطبيعي المشكوك انطباقه على المورد فثبوت الحكم له يقيني، فلا مورد للاستصحاب أصلا، فإذا شككنا في كون مائع معين خمرا، فالمائع المذكور لم تجعل الحرمة له بشخصه ولا الإباحة، وثبوت الحرمة لطبيعي الخمر كثبوت الإباحة لطبيعي الماء يقيني، فكيف يصح التمسك باستصحاب عدم الجعل.
(قلت) أولا ان الاحكام المجعولة بنحو القضايا الحقيقة تنحل إلى احكام متعددة بحسب تعدد افراد موضوعاتها، كما هو مبنى جريان البراءة في الشبهات الموضوعية، إذ بدونه لا يكون هناك حكم مجهول ليرفع بالبراءة. وعليه فيكون الشك في خمرية مائع مستلزما للشك في جعل الحرمة له، فيرجع إلى