مجعولا بنفسه أو بأثره مما لم يدل عليه دليل من آية ولا رواية، انما المعتبر في الاستصحاب ان يكون المستصحب قابلا للتعبد الشرعي. ولا خفاء في أن عدم التكليف كوجوه قابل للتعبد، وتوهم - انه لا بد من أن يكون المستصحب قابلا للتعبد حدوثا والعدم الأزلي لا يكون حادثا - مدفوع بأن المعتبر كونه قابلا للتعبد عند جريان الاستصحاب وفي ظرف الشك، فيكفي كون المستصحب قابلا للتعبد بقاء، وان لم يكن قابلا له حدوثا. وسيأتي الكلام في ذلك مفصلا في بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
(الوجه الثاني) - ما افاده شيخنا الأنصاري (ره) وملخصه ان استصحاب البراءة لو كان موجبا للقطع بعدم العقاب صح التمسك به، وإلا فلا، إذ مع بقاء احتمال العقاب بعد جريان الاستصحاب لا مناص من الرجوع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان، لسد باب هذا الاحتمال، ومعه كان التمسك بالاستصحاب لغوا محضا، لان التمسك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان كاف في سد باب احتمال العقاب من أول الامر، بلا حاجة إلى التمسك بالاستصحاب. وعليه فان بنينا علي كون الاستصحاب من الامارات أو قلنا بحجية مثبتات الأصول، حصل منه القطع بعدم العقاب وصح التمسك به، إذ عدم المنع من الفعل الثابت بالاستصحاب مستلزم للرخصة في الفعل، فإذا فرض ثبوت الرخصة من قبل الشارع بالتعبد الاستصحابي باعتبار كونها من لوازم عدم المنع المستصحب لم يحتمل العقاب، فان العقاب على الفعل مع الترخيص فيه غير محتمل قطعا. واما لو لم نقل بكون الاستصحاب من الامارات ولا بحجية مثبتات الأصول كما هو الصحيح، فلا يصح التمسك بالاستصحاب في المقام، إذ لا يثبت به الترخيص الموجب للقطع بعدم العقاب، ويبقى احتمال العقاب، فنحتاج إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان. ومعه كان التمسك بالاستصحاب لغوا كما تقدم.
و (فيه أولا) - ان استصحاب عدم المنع كاف في القطع بعدم العقاب،