الاستحقاق، مع أن محل الكلام بيننا وبين الأخباريين هو الثاني.
(أما الايراد الأول) فيدفعه (أولا) - أن نفي العذاب الدنيوي عند عدم تمامية البيان يدل بالأولوية القطعية على نفي العذاب الأخروي، إذ العذاب الدنيوي أهون من العذاب الأخروي، لكونه منقطعا غير دائم. و (ثانيا) - أن جملة ما كان أو ما كنا وأمثالهما من هذه المادة مستعملة في أن الفعل غير لائق به تعالى، ولا يناسبه صدوره منه جل شأنه. ويظهر ذلك من استقراء موارد استعمالها، كقوله تعالى: (ما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم).
وقوله تعالى: (وما كان الله ليذر المؤمنين). وقوله تعالى: (ما كان الله معذبهم وأنت فيهم) وقوله تعالى: (وما كنت متخذ المضلين عضدا إلى غير ذلك فجملة الفعل الماضي من هذه المادة منسلخة عن الزمان في هذه الموارد فيكون المراد ان التعذيب قبل البيان لا يليق به تعالى، ولا يناسب حكمته وعدله، فلا يبقى فرق حينئذ بين العذاب الدنيوي والأخروي.
وبهذا ظهر الجواب عن الايراد الثاني أيضا، لان عدم لياقة التعذيب قبل البيان يدل على عدم كون العبد مستحقا للعذاب إذ مع فرض استحقاق العبد لاوجه لعدم كونه لائقا به تعالى، بل عدم لياقته به تعالى انما هو لعدم استحقاق العبد له، فالمدلول المطابقي للآية الشريفة وان كان نفي فعلية العذاب إلا أنها تدل على نفي الاستحقاق بالالتزام على ما ذكرناه.
واما ما أجاب به شيخنا الأنصاري (ره) عن الايراد الثاني من أن الخصم يسلم الملازمة بين نفي الفعلية ونفي الاستحقاق فنفي الفعلية المستفادة من الآية كاف في إلزامه، فيرد عليه الوجهان المذكوران في الكفاية: من أن الاستدلال يكون حينئذ جدليا لا يمكن ان يستند إليه الأصولي المنكر للملازمة المذكورة، وان اعتراف الخصم بالملازمة المذكورة بعيد جدا، بل غير واقع، إذ ربما تنتفي