يصدر منه فعل بالاختيار، كما إذا قطع بكون مائع خمرا فشربه، ولم يكن في الواقع خمرا، وذلك لان شرب الخمر منتف بانتفاء موضوعه، وشرب الماء مما لم يقصده، فلم يصدر منه فعل بالإرادة والاختيار، إذ ما قصده لم يقع، وما وقع لم يقصده (انتهى ملخصا).
وأما المحقق النائيني (ره) فذكر ان القطع طريق محض إلى متعلقه لا دخل له في الحسن والقبح، ولم يستدل بشئ، وادعى ان هذا أمر وجداني.
أقول: أما ما ذكره صاحب الكفاية (ره) من البرهان، ففيه انه إن كان مراده من القصد - في قوله: ان القاطع انما يقصد الفعل بعنوانه الأولي - هو الداعي كما هو ظاهر كلامه (ره) فهو وإن كان صحيحا، إذا الدواعي لشرب الخمر هو الاسكار مثلا، لا عنوان كونه مقطوع الخمرية، إلا أنه لا يعتبر في الجهات المحسنة أو المقبحة أن تكون داعية في مقام العمل، بل المعتبر صدور الفعل بالاختيار، مع كون الفاعل ملتفتا إلى جهة قبحه ولذا يكون ضرب اليتيم مع الالتفات إلى أنه يتألم ويتأذى ظلما وقبيحا، ولو لم يكن بداعي الايلام والايذاء، بل كان بداعي امتحان العصا مثلا. وان كان مراده من القصد هو الالتفات، فلا وجه للترقي والاضراب في قوله: (بل لا يكون غالبا مما يلتفت إليه) لكونه عين ما ذكره أولا.
وأما قوله (ره) بل لا يكون غالبا مما يلتفت إليه فان كان مراده هو الالتفات التفصيلي، فهو وإن كان صحيحا، إلا أن الالتفات التفصيلي غير معتبر في العناوين الموجبة للحسن أو القبح، وإن كان مراده مطلق الالتفات ولو بنحو الاجمال، ففيه أن الالتفات إلى العناوين المحسنة أو المقبحة وإن كان معتبرا، إلا ان عنوان المقطوعية يكون ملتفتا إليه دائما بالالتفات الاجمالي الارتكازي كيف، وحضور الأشياء في الذهن إنما هو بالقطع، ويسمى بالعلم الحصولي،