يقتضى وجوب الانذار ولو مع عدم حصول العلم للمنذر (بالفتح) بمطابقة كلام المنذر (بالكسر) للواقع، كذلك يقتضى وجوب الحذر أيضا في هذا الفرض.
و (ثالثا) - ان ظاهر الآية ترتب وجوب الحذر على الانذار وتخصيص وجوب الحذر بما إذا حصل العلم بالواقع موجب لالغاء عنوان الانذار، إذ العمل حينئذ انما هو بالعلم من دون دخل للانذار فيه، غاية الامر كون الانذار من جملة المقدمات التكوينية لحصول العلم لا موضوعا لوجوب الحذر فاعتبار حصول العلم في وجوب الحذر يوجب إلغاء عنوان الانذار لا تقييده بصورة حصول العلم، مع أن ظاهر الآية كون وجوب الحذر مترتبا على الانذار ترتب الحكم على موضوعه و (رابعا) - انه على تقدير تسليم أن اعتبار العلم في وجوب الحذر يوجب التقييد لا إلغاء عنوان الانذار، لا يمكن الالتزام بهذا التقييد، فإنه تقييد بفرد نادر وهو مستهجن (الايراد الثاني) - ان الانذار - بمعنى التخويف من العقاب - إنما هو وظيفة الواعظ والمفتي، أما الواعظ فينذر الناس كما هو شأنه بالأمور المسلمة، فيخوف الناس من ترك الصلاة مثلا بما ورد فيه من العقاب، أو من شرب الخمر كذلك، ولا اشكال في وجوب الحذر عند إنذاره. لكون الحكم معلوما ومسلما، وأما المفتي فيفتي لمقلديه بما استنبطه من الواجب والحرام. وافتاؤه بها انذار بالدلالة الالتزامية، وتخويف من العقاب على الترك أو الفعل، ولا شبهة في وجوب الحذر على مقلديه، لكون فتواه حجة عليهم، بخلاف نقل الرواية، فإنه لا انذر فيه، إذ ربما ينقل الراوي مجرد الألفاظ ولا يفهم المعنى لينذر به، ولذا ورد عنهم (ع) رب حامل فقه غير فقيه أو إلي من هو أفقه منه.
وفيه ان الراوي أيضا قد ينذر بنقله، كما إذا نقل رواية دالة على وجوب شئ أو على حرمة شئ، فان نقل هذه الرواية انذار ضمني بالعقاب على الترك أو الفعل، كما في إفتاء المفتي بوجوب شئ أو حرمة شئ فيجب الحذر عند