الاخبار عن الأمور الخارجية، كقولك اشتريت دارا لعلي أسكنها، أو في مقام بيان الاحكام المولوية، وعلى الثاني فان كان ما بعدها أمرا غير قابل للتكليف كما إذا قيل تب إلى الله تعالى لعله يغفر لك، فيستفاد منها حسن تلك الغاية وكونها أمرا مرغوبا فيه، وان لم يصح تعلق التكليف به، لعدم كونه فعلا للعبد كي يصح البعث نحوه، وإن كان أمرا قابلا للتكليف كما إذا قيل بلغ الاحكام إلى العبيد لعلهم يعملون بها، دل الكلام على كونه محكوما بحكم ما قبلها من الوجوب أو الاستحباب، ضرورة ان الغاية الموجبة لا يجاب امر آخر تكون واجبة بنفسها بطريق أولى، وكذا الحال في الغاية الموجبة لاستحباب امر آخر، وحيث إن الحذر جعل في الآية الشريفة غاية للانذار الواجب فيستفاد منها كونه واجبا لا محالة. وبعد تمامية هذه الأمور الثلاثة، يظهر ان الآية المباركة تدل على وجوب التحذر العملي عند الانذار، وهذا هو معنى حجية الخبر.
والانصاف أن دلالة هذه الآية على حجية الخبر أظهر وأتم من دلالة آية النبأ عليها، ومع ذلك قد أورد على الاستدلال بها بوجوه:
(الأول) - ان الآية واردة لبيان وجوب التفقه والانذار، لا لبيان وجوب الحذر، وإنما ذكر الحذر باعتبار كونه فائدة من فوائد التفقه والانذار فلا إطلاق لها بالنسبة إلى وجوب الحذر، والقدر المتيقن منه ما إذا حصل العلم بمطابقة قول المذر للواقع.
وفيه (أولا) - ان الأصل في كل كلام أن يكون في مقام البيان، لاستقرار بناء العقلاء على ذلك ما لم تظهر قرينة على خلافه. و (ثانيا) - ان ظاهر الآية المباركة كونها واردة لبيان وظيفة جميع المسلمين المكلفين، وانه يجب على طائفة منهم التفقه والانذار، وعلى غيرهم الحذر والقبول، فكما ان إطلاقها