الإخلال بغرضه؟
ولعمري، إن نفي ذلك غير جائز. إلا أن إثبات وقوعه أيضا غير ممكن، لأن ما وقع من الاشتراك لعله كان من الاختلاط بين العشائر والقبائل، كما هو الظاهر.
فدعوى عدم تكرر الوضع التعييني من الواضع الواحد في اللغة الواحدة (1)، قريبة جدا.
ولما كانت إطالة الكلام بذكر الأدلة وأجوبتها، من اللغو المنهي عنه، عدلنا عنها، وطوينا ذيلها. والله ولي التوفيق.
ثم إن الترادف في اللغات من الأمر البين. ويساعده الذوق، للحاجة إلى الألفاظ المترادفة في حسن الكلام، وتحسين الخطاب. وأما التساوق - وهو كون المعنيين متلازمين من حيث الصدق، وإن كانا مختلفين من حيث المعنى - فهو أيضا ممكن وواقع.
وقد تعرض جمع من المنكرين للترادف، إلى إثبات التساوق بين المعاني (2)، فيقال مثلا: إن " الانسان " و " البشر " ليسا مترادفين، لأن " الانسان " موضوع للحيوان الناطق مقابل أنواع الحيوانات، و " البشر " موضوع له مقابل الملك. وفي الكتب العقلية كثيرا ما يتشبث بالتساوق بين الألفاظ، فيقال مثلا: بتساوق " الوجود " و " الوحدة " و " التشخص " بل وجميع الكمالات الراجعة إلى أصل الوجود (3)، وهذا مما لا مانع منه إذا ساعده الدليل، فليتأمل.
فبالجملة تحصل: أن الاشتراك ليس بمستحيل ذاتا، ولا بالغير، ولا بواجب ذاتا، ولا بالغير، ولا بقبيح ذاتا، ولا بالغير، لأن الواضع ربما يغفل عن الوضع الأول