الرجوع إلى العرف في تشخيص المصاديق، لا المفاهيم فحسب، ودعوته إلى التفكيك بين المسائل الأصولية والعقلية، كما نعى على الخالطين بين الفلسفة والأصول وعلى الخابطين فيما ليسوا له بأهل، ومن أمثلة هذا التفكيك - الذي صار إليه تبعا لوالده العظيم - قوله بعدم استحالة الدور والتسلسل في المسائل الأصولية وسواها من الأمور الاعتبارية، واختصاص هذه الاستحالة بالأمور الواقعية، فلا خلط بين المقامين.
كما تبع والده الإمام (قدس سره) في مسألة أمارية الاستصحاب، التي تبناها الإمام الراحل في دورته الأصولية الأولى، ثم عدل عنها إلى أصولية الاستصحاب في الدورة الثانية، ولكن الشهيد (رحمه الله) لم يرتض بعدول والده الإمام هذا، واستمر على مقولته بأمارية الاستصحاب.
وأخيرا وبسبب الموقف الخالي من الشرعية والإنصاف الذي وقفته شريحة من علماء النجف وأتباعهم والمحيطين بهم إزاء إمامنا الراحل - طاب ثراه - وبسبب ما مارسته إزاء هذا المصلح الكبير من أساليب لا يرتضيها ديننا الحنيف ولا الخلق الكريم، والتي حالت بينه وبين عقد البحث الأصولي، بل ومنعوا طلاب العلوم الدينية من حضور بحثه الفقهي وحين شرع الإمام الراحل (قدس سره) ببحث ولاية الفقيه قاطع ثلة من الطلبة درسه الفقهي محتجين بأن الإمام يريد إقحامنا في السياسة، فإنه يرمي ببحثه هذا الاعتراض على الشاه المستبد.
لأجل كل هذا تجد الحدة - أحيانا - تطفح على المصنف (رحمه الله) في ثنايا كتابه هذا، غضبا لله وللإسلام والمسلمين، حيث حاولوا حرمان الأمة من بركات وجود هذا الإمام العظيم والمصلح الكبير، ومنع أفكاره النيرة من الانتشار في الأجواء المظلمة التي تعيشها الأمة بسبب المؤامرة الاستعمارية الظالمة التي شملت جميع