نصف مهر مثلها أنها لا تجاوز بها نصف مهر مثلها فيكون لها الأقل من نصف مهر مثلها ومن المتعة، لأن الله تعالى لم يجعل المسمى لها أكثر من نصف التسمية مع الطلاق قبل الدخول، فغير جائز أن يعطيها عند عدم التسمية أكثر من النصف مهر المثل، ولما كان المسمى مع ذلك أكثر من مهر المثل فلم تستحق بعد الطلاق أكثر من النصف، ففي مهر المثل أولى). ولم يقدر أصحابنا لها مقدارا معلوما لا يتجاوز به ولا يقصر عنه، وقالوا:
(هي على قدر المعتاد المتعارف في كل وقت) وقد ذكر عنهم ثلاثة أثواب درع وخمار وإزار، والإزار هو الذي تستتر به بين الناس عند الخروج. وقد ذكر عن السلف في مقدارها أقاويل مختلفة على حسب ما غلب في رأي كل واحد منهم، فروى إسماعيل بن أمية عن عكرمة عن ابن عباس قال: (أعلى المتعة الخادم، ثم دون ذلك النفقة، ثم دون ذلك الكسوة). وروى إياس بن معاوية عن أبي مجلز قال: قلت لابن عمر: أخبرني عن المتعة! فأخبرني على قدري فإني موسر أكسوا كذا أكسوا كذا، فحسبت ذلك فوجدته قيمة ثلاثين درهما. وروى عمرو عن الحسن قال: (ليس في المتعة شئ يوقت على قدر الميسرة) وكان حماد يقول: (يمتعها بنصف مهر مثلها). وقال عطاء: (أوسع المتعة درع وخمار وملحفة). وقال الشعبي: (كسوتها في بيتها درع وخمار وملحفة وجلبابة). وروى يونس عن الحسن قال: (كان منهم من يمتع بالخادم والنفقة ومنهم من يمتع بالكسوة والنفقة، ومن كان دون ذلك فثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة، ومن كان دون ذلك متع بثوب واحد). وروى عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال: (أفضل المتعة خمارا وأوضعها ثوب). وروى الحجاج عن أبي إسحاق أنه سأل عبد الله بن مغفل عنها فقال: (لها المتعة على قدر ماله).
وهذه المقادير كلها صدرت عن اجتهاد آرائهم ولم ينكر بعضهم على بعض ما صار إليه من مخالفته فيه، فدل على أنها عندهم موضوعة على ما يؤديه إليه اجتهاده، وهي بمنزلة تقويم المتلفات وأروش الجنايات التي ليس لها مقادير معلومة في النصوص.
قوله عز وجل: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) قيل: إن أصل الفرض الحز في القداح علامة لها تميز بينها، والفرضة العلامة في قسم الماء على خشب أو جص أو حجارة يعرف بها كل ذي حق نصيبه من الشرب، وقد سمي الشط الذي ترفأ فيه السفن فرضة لحصول الأثر فيه بالنزول إلى السفن والصعود منها، ثم صار اسم الفرض في الشرع واقعا على المقدار وعلى ما كان في أعلى مراتب الإيجاب من الواجبات، وقوله تعالى: (إن الذي فرض عليك القرآن) [القصص: 85] معناه (أنزله وأوجب عليك أحكامه وتبليغه) وقوله تعالى عند ذكر