وأما قوله: * (أذلة) * فإنه جمع ذليل، كما الأعزة جمع عزيز، والألبة جمع لبيب.
وإنما سماهم الله عز وجل أذلة لقلة عددهم، لأنهم كانوا ثلاثمائة نفس وبضعة عشر، وعدوهم ما بين التسعمائة إلى الألف، على ما قد بينا فيما مضى، فجعلهم لقلة عددهم أذلة.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) * وبدر: ماء بين مكة والمدينة، التقى عليه نبي الله (ص) والمشركون، وكان أول قتال قاتله نبي الله (ص). وذكر لنا أنه قال لأصحابه يومئذ: أنتم اليوم بعدة أصحاب طالوت يوم لقي جالوت: فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، والمشركون يومئذ ألف أو راهقوا ذلك.
حدثني محمد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر، عن عباد، عن الحسن في قوله:
* (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) * قال: يقول: وأنتم أذلة قليل، وهم يومئذ بضعة عشر وثلثمائة.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، نحو قول قتادة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) * أقل عددا وأضعف قوة.
وأما قوله: * (فاتقوا الله لعلكم تشكرون) * فإن تأويله كالذي قد بينت كما:
حدثنا ابن حميد، قال ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (فاتقوا الله لعلكم تشكرون) *: أي فاتقوني، فإنه شكر نعمي. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة