حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: مما نزل في يوم أحد:
* (وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين) *.
وقال آخرون: عنى بذلك يوم الأحزاب. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عباد، عن الحسن في قوله: * (وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال) * قال: يعني محمدا (ص) غدا يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال يوم الأحزاب.
وأولى هذين القولين بالصواب، قول من قال: عنى بذلك: يوم أحد، لان الله عز وجل يقول في الآية التي بعدها: * (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا) * ولا خلاف بين أهل التأويل أنه عنى بالطائفتين بنو سلمة وبنو حارثة. ولا خلاف بين أهل السير والمعرفة بمغازي رسول الله (ص)، أن الذي ذكر الله من أمرهما إنما كان يوم أحد دون يوم الأحزاب.
فإن قال لنا قائل: وكيف يكون ذلك يوم أحد ورسول الله (ص) إنما راح إلى أحد من أهله للقتال يوم الجمعة بعد ما صلى الجمعة في أهله بالمدينة بالناس، كالذي:
حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا:
أن رسول الله (ص) راح حين صلى الجمعة إلى أحد، دخل فلبس لامته، وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة، وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار، فصلى عليه رسول الله (ص)، ثم خرج عليهم وقال: ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل؟.
قيل: إن النبي (ص) وإن كان خروجه للقوم كان رواحا فلم يكن تبوأته للمؤمنين مقاعدهم للقتال عند خروجه، بل كان ذلك قبل خروجه لقتال عدوه، وذلك أن المشركين