قوله: * (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) *؟ فإن قال لا، قيل له: فما برهانك على أن ذلك تأويله، وقد علمت أنه غير مالك مال يتيمه؟ فإن قال: لان الله أذن له بأكله، قيل له: أذن له بأكله مطلقا، أم بشرط؟ فإن قال بشرط، وهو أن يأكله بالمعروف، قيل له: وما ذلك المعروف وقد علمت القائلين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين إن ذلك هو أكله قرضا وسلفا؟ ويقال لهم أيضا مع ذلك: أرأيت المولى عليهم في أموالهم من المجانين والمعاتيه الولاة أموالهم أن يأكلوا من أموالهم عند حاجتهم إليه على غير وجه القرض لا الاعتياض من قيامهم بها، كما قلتم ذلك في أموال اليتامى فأبحتموها لهم؟ فإن قالوا ذلك لهم، خرجوا من قول جميع الحجة، وإن قالوا ليس ذلك لهم، قيل لهم: فما الفرق بين أموالهم وأموال اليتامى وحكم ولاتهم واحد في أنهم ولاة أموال غيرهم؟ فلن يقولوا في أحدهما شيئا إلا ألزموا في الآخر مثله. ويسألون كذلك عن المحجور عليه، هل لمن يلي ماله أن يأكل ماله عند حاجته إليه؟ نحو سؤالنا هم عن أموال المجانين والمعاتيه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) *.
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا دفعتم يا معشر ولاة أموال اليتامى إلى اليتامى أموالهم، فأشهدوا عليهم، يقول: فأشهدوا على الأيتام باستيفائهم ذلك منكم ودفعكموه إليهم. كما:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: * (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) * يقول: إذا دفع إلى اليتيم ماله، فليدفعه إليه بالشهود، كما أمره الله تعالى.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وكفى بالله حسيبا) *.
يقول تعالى ذكره: وكفى بالله كافيا من الشهود الذي يشهدهم والي اليتيم على دفعه مال يتيمه إليه. كما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (وكفى بالله حسيبا) * يقول: شهيدا.
يقال منه: قد أحسبني الذي عندي، يراد به: كفاني. وسمع من العرب: لأحسبنكم من الأسودين، يعني به: من الماء والتمر، والمحسب من الرجال: المرتفع الحسب، والمحسب: المكفي. القول في تأويل قوله تعالى: