مالهم من الأموال الذكور دون الإناث، ولا الإناث دون الذكور. وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم إليهم، وأجيز للمسلمين مبايعتهم، ومعاملتهم غير الذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم، وحظر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم، فإذ كان ذلك كذلك، فبين أن السفهاء الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم، هم المستحقون الحجر، والمستوجبون أن يولى عليهم أموالهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأن من عدا ذلك، فغير سفيه، لان الحجر لا يستحقه من قد بلغ، وأونس رشده. وأما قول من قال: عنى بالسفهاء النساء خاصة، فإنه جعل اللغة على غير وجهها، وذلك أن العرب لا تكاد تجمع فعيلا على فعلاء، إلا في جمع الذكور، أو الذكور والإناث، وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم، جمعوه على فعائل وفعيلات، مثل غريبة تجمع غرائب وغريبات، فأما الغرباء فجمع غريب.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: * (أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم) * فقال بعضهم: عنى بذلك: لا تؤتوا السفهاء من النساء والصبيان على ما ذكرنا من اختلاف من حكينا قوله قبل أيها الرشداء أموالكم التي تملكونها، فتسلطوهم عليها فيفسدوها ويضيعوها، ولكن ارزقوهم أنتم منها، إن كانوا ممن تلزمكم نفقته، واكسوهم، وقولوا لهم قولا معروفا. وقد ذكرنا الرواية عن جماعة ممن قال ذلك: منهم أبو موسى الأشعري، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، قتادة، وحضرمي، وسنذكر قول الآخرين الذين لم يذكر قولهم فيما مضى قبل.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها) * يقول:
لا تعط امرأتك وولدك مالك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك، وأطعمهم من مالك واكسهم.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) * يقول: لا تسلط السفيه من ولدك على مالك، وأمره أن يرزقه منه ويكسوه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) * قال: لا تعط السفيه من مالك شيئا هو لك.