وكما قال الآخر:
(في حلقكم عظم وقد شجينا) وقال بعض نحويي الكوفة: جائز في النفس في هذا الموضع الجمع والتوحيد، فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا وأنفسا، وضقت به ذراعا وذرعا وأذرعا، لأنه منسوب إليك، وإلى من تخبر عنه، فاكتفى بالواحد عن الجمع لذلك، ولم يذهب الوهم إلى أنه ليس بمعنى جمع لان قبله جمعا.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن النفس وقع موقع الأسماء التي تأتي بلفظ الواحد مؤدية معناه إذا ذكر بلفظ الواحد، وأنه بمعنى الجمع عن الجمع. وأما قوله: * (هنيئا) * فإنه مأخوذ من هنأت البعير بالقطران: إذا جرب فعولج به، كما قال الشاعر:
متبذلا تبدو محاسنه * يضع الهناء مواضع النقب فكان معنى قوله: * (فكلوه هنيئا مريئا) *: فكلوه دواء شافيا، يقال منه: هنأني الطعام ومرأني: أي صار لي دواء وعلاجا شافيا، وهنئني ومرئني بالكسر، وهي قليلة، والذين يقولون هذا القول يقولون يهنأني ويمرأني، والذين يقولون هنأني، يقولون: يهنئني ويمرئني، فإذا أفردوا، قالوا: قد أمرأني هذا الطعام إمراء، ويقال: هنأت القوم: إذا علتهم، سمع من العرب من يقول: إنما سميت هانئا لتهنأ، بمعنى: لتعول وتكفى. القول في تأويل قوله تعالى: