حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير في قوله: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * يقول: ما حل لكم.
فإن قال قائل: وكيف قيل: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * ولم يقل: فانكحوا من طاب لكم، وإنما يقال ما في غير الناس؟ قيل: معنى ذلك على غير الوجه الذي ذهبت إليه، وإنما معناه: فانكحوا نكاحا طيبا. كما:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:
* (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * فانكحوا النساء نكاحا طيبا.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
فالمعني بقوله: * (ما طاب لكم) * الفعل دون أعيان النساء وأشخاصهن، فلذلك قيل ما ولم يقل من، كما يقال: خذ من رقيقي ما أردت إذا عنيت، خذ منهم إرادتك، ولو أردت خذ الذي تريد منهم لقلت: خذ من رقيقي من أردت منهم. وكذلك قوله: * (أو ما ملكت أيمانكم) * بمعنى: أو ملك أيمانكم. وإنما معنى قوله: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) * فلينكح كل واحد منكم مثنى وثلاث ورباع، كما قيل: * (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) *. وأما قوله * (مثنى وثلاث ورباع) * فإنما ترك إجراؤهن لأنهن معدولات عن اثنين وثلاث وأربع، كما عدل عمر عن عامر وزفر عن زافر فترك إجراؤه، وكذلك أحاد وثناء وموحد ومثنى ومثلث ومربع، لا يجري ذلك كله للعلة التي ذكرت من العدول عن وجوهه. ومما يدل على أن ذلك كذلك، وأن الذكر والأنثى فيه سواء، ما قيل في هذه السورة وسورة فاطر: مثنى وثلاث ورباع، يراد به الجناح، والجناح ذكر، وأنه أيضا لا يضاف إلى ما يضاف إليه الثلاثة والثلاث، وأن الألف واللام لا تدخله، فكان في ذلك دليل على أنه اسم للعدد معرفة، ولو كان نكرة لدخله الألف واللام وأضيف كما يضاف الثلاثة والأربعة، ومما يبين في ذلك قول تميم بن أبي مقبل: