حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ألقي على آدم (ص) السنة فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبد الله بن العباس وغيره، ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر، ولام مكانه، وآدم نائم لم يهب من نومته، حتى خلق الله تبارك وتعالى من ضلعه تلك زوجته حواء، فسواها امرأة ليسكن إليها، فلما كشفت عنه السنة وهب من نومته رآها إلى جنبه، فقال فيما يزعمون والله أعلم:
لحمي ودمي وزوجتي! فسكن إليها.
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (وخلق منها زوجها) * جعل من آدم حواء.
وأما قوله: * (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) * فإنه يعني ونشر منهما يعني من آدم وحواء * (رجالا كثيرا ونساء) * قد رآهم، كما قال جل ثناؤه: * (كالفراش المبثوث) *.
يقال منه: بث الله الخلق وأبثهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) * وبث: خلق.
القول في تأويل قوله تعالى: * (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) *.
اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه عامة قراء أهل المدينة والبصرة: تساءلون بالتشديد، بمعنى: تتساءلون، ثم أدغم إحدى التاءين في السين، فجعلهما سينا مشددة.
وقرأه بعض قراء الكوفة: * (تساءلون) * بالتخفيف على مثال تفاعلون، وهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان، أعني التخفيف والتشديد في قوله: * (تساءلون به) *، وبأي ذلك قرأ القارئ أصاب الصواب فيه، لان معنى ذلك بأي وجهيه قرئ غير مختلف.
وأما تأويله: * (واتقوا الله) * أيها الناس، الذي إذا سأل بعضكم بعضا سأل به، فقال السائل للمسؤول: أسألك بالله، وأنشدك بالله، وأعزم عليك بالله، وما أشبه ذلك. يقول تعالى ذكره: فكما تعظمون أيها الناس ربكم بألسنتكم، حتى تروا أن من أعطاكم عهده فأخفركموه، فقد أتى عظيما، فكذلك فعظموه بطاعتكم إياه فيما أمركم، واجتنابكم ما نهاكم عنه، واحذروا عقابه من مخالفتكم إياه فيما أمركم به أو نهاكم عنه. كما: