يسمعون من اليهود قولهم: عزير ابن الله، ومن النصارى: المسيح ابن الله، فكان المسلمون ينصبون لهم الحرب، ويسمعون إشراكهم، فقال الله: * (وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) * يقول: من القوة مما عزم الله عليه وأمركم به.
وقال آخرون: بل نزلت في كعب بن الأشرف، وذلك أنه كان يهجو رسول الله (ص) ويتشبب بنساء المسلمين. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري في قوله: * (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا) * قال: هو كعب بن الأشرف، وكان يحرض المشركين على النبي (ص) وأصحابه في شعره، ويهجو النبي (ص)، فانطلق إليه خمسة نفر من الأنصار فيهم محمد بن مسلمة، ورجل يقال له أبو عبس. فأتوه وهو في مجلس قومه بالعوالي، فلما رآهم ذعر منهم، فأنكر شأنهم، وقالوا: جئناك لحاجة، قال: فليدن إلي بعضكم، فليحدثني بحاجته! فجاءه رجل منهم فقال: جئناك لنبيعك أدراعا عندنا لنستنفق بها، فقال: والله لئن فعلتم لقد جهدتم منذ نزل بكم هذا الرجل! فواعدوه أن يأتوه عشاء حين هدأ عنهم الناس. فأتوه، فنادوه، فقالت امرأته: ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه لشئ مما تحب! قال: إنهم حدثوني بحديثهم وشأنهم. قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه أشرف عليهم فكلمهم، فقال:
أترهنوني أبناءكم؟ وأرادوا أن يبيعهم تمرا، قال: فقالوا إنا نستحيي أن تعير أبناؤنا فيقال هذا رهينة وسق، وهذا رهينة وسقين! فقال: أترهنوني نسائكم؟ قالوا: أنت أجمل الناس، ولا نأمنك، وأي امرأة تمتنع منك لجمالك؟ ولكنا نرهنك سلاحنا، فقد علمت حاجتنا إلى السلاح اليوم. فقال: ائتوني بسلاحكم، واحتملوا ما شئتم! قالوا: فأنزل إلينا نأخذ عليك، وتأخذ علينا. فذهب ينزل، فتعلقت به امرأته وقالت: أرسل إلى أمثالهم من قومك يكونوا معك. قال: لو وجدني هؤلاء نائما ما أيقظوني. قالت: فكلمهم من فوق البيت، فأبى عليها، فنزل إليهم يفوح ريحه، قالوا: ما هذه الريح يا فلان؟ قال: هذا عطر أم فلان!