قوله جل ثناؤه: * (واهجرني مليا) *: أي حينا طويلا، ومنه قيل: عشت طويلا وتمليت حينا والملا نفسه: الدهر، والملوان: الليل والنهار، ومنه قول تميم بن مقبل:
ألا يا ديار الحي بالسبعان * أمل عليها بالبلى الملوان يعني بالملوان: الليل والنهار.
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله: ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم فقرأ ذلك جماعة منهم: * (ولا يحسبن) * بالياء وفتح الألف من قوله * (أنما) * على المعنى الذي وصفت من تأويله. وقرأه آخرون: ولا تحسبن بالتاء و * (أنما) * أيضا بفتح الألف من أنما، بمعنى: ولا تحسبن يا محمد الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم.
فإن قال قائل: فما الذي من أجله فتحت الألف من قوله: * (أنما) * في قراءة من قرأ بالتاء، وقد علمت أن ذلك إذا قرئ بالتاء فقد أعملت تحسبن في الذين كفروا، وإذا أعملتها في ذلك لم يجز لها أن تقع على أنما لان أنما إنما يعمل فيها عامل يعمل في شيئين نصبا؟ قيل: أما الصواب في العربية ووجه الكلام المعروف من كلام العرب كسر إن إذا قرئت تحسبن بالتاء، لان تحسبن إذا قرئت بالتاء، فإنها قد نصبت الذين كفروا، فلا يجوز أن تعمل وقد نصبت اسما في أن، ولكني أظن أن من قرأ ذلك بالتاء في تحسبن وفتح