وقال آخرون: معنى ذلك: ومن يدخله يكن آمنا بها، بمعنى الجزاء، كنحو قول القائل: من قام لي أكرمته: بمعنى من يقم لي أكرمه. وقالوا: هذا أمر كان في الجاهلية، كان الحرم مفزع كل خائف، وملجأ كل جان، لأنه لم يكن يهاج به ذو جريرة، ولا يعرض الرجل فيه لقاتل أبيه وابنه بسوء. قالوا: وكذلك هو في الاسلام، لان الاسلام زاده تعظيما وتكريما. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: ثنا خصيف، قال ثنا مجاهد، قال: قال ابن عباس: إذا أصاب الرجل الحد قتل أو سرق، فدخل الحرم، ولم يبايع ولم يؤو حتى يتبرم فيخرج من الحرم، فيقام عليه الحد. قال: فقلت لابن عباس: ولكني لا أرى ذلك، أرى أن يؤخذ برمته، ثم يخرج من الحرم، فيقام عليه الحد، فإن الحرم لا يزيده إلا شدة.
حدثنا أبو كريب وأبو السائب، قالا: ثنا ابن إدريس، قال: ثنا عبد الملك، عن عطاء، قال: أخذ ابن الزبير سعدا مولى معاوية، وكان في قلعة بالطائف، فأرسل إلى ابن عباس من يشاوره فيهم، إنهم لنا عين، فأرسل إليه، ابن عباس: لو وجدت قاتل أبي لم أعرض له. قال: فأرسل إليه، ابن الزبير: ألا نخرجهم من الحرم؟ قال: فأرسل إليه ابن عباس: أفلا قبل أن تدخلهم الحرم؟ زاد أبو السائب في حديثه فأخرجهم فصلبهم، ولم يصغ إلى قول ابن عباس.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: من أحدث حدثا في غير الحرم ثم لجأ إلى الحرم ولم يعرض له ولم يبايع ولم يكلم ولم يؤو حتى يخرج من الحرم، فإذا خرج من الحرم أخذ فأقيم عليه الحد. قال: ومن أحدث في الحرم حدثا أقيم عليه الحد.
حدثنا أبو كريب قال: ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن نصر السلمي، عن ابن أبي حبيبة، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: من أحدث حدثا ثم