حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: أما قوله: * (ومن دخله كان آمنا) *: فلو أن رجلا قتل رجلا، ثم أتى الكعبة فعاذ بها، ثم لقيه أخو المقتول لم يحل له أبدا أن يقتله.
وقال آخرون: معنى ذلك: ومن دخله يكن آمنا من النار. ذكر من قال ذلك:
حدثنا علي بن مسلم، قال: ثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا رزيق بن مسلم المخزومي، قال: ثنا زياد ابن أبي عياض، عن يحيى بن جعدة، في قوله: * (ومن دخله كان آمنا) * قال: آمنا من النار.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، قول ابن الزبير ومجاهد والحسن، ومن قال معنى ذلك: ومن دخله من غيره ممن لجأ إليه عائذا به كان آمنا ما كان فيه، ولكنه يخرج منه فيقام عليه الحد إن كان أصاب ما يستوجبه في غيره ثم لجأ إليه، وإن كان أصابه فيه أقيم عليه فيه.
فتأويل الآية إذا: فيه آيات بينات مقام إبراهيم، ومن يدخله من الناس مستجيرا به يكن آمنا مما استجار منه ما كان فيه، حتى يخرج منه.
فإن قال قائل: وما منعك من إقامة الحد عليه فيه؟ قيل: لاتفاق جميع السلف على أن من كانت جريرته في غيره ثم عاذ به، فإنه لا يؤخذ بجريرته فيه.
وإنما اختلفوا في صفة اخراجه منه لاخذه بها، فقال بعضهم: صفة ذلك منعه المعاني التي يضطر مع منعه وفقده إلى الخروج منه.
وقال آخرون: لا صفة لذلك غير اخراجه منه بما أمكن اخراجه من المعاني التي توصل إلى إقامة حد الله عليه معها، فلذلك قلنا: غير جائز إقامة الحد عليه فيه إلا بعد اخراجه منه. فأما من أصاب الحد فيه، فإنه لا خلاف بين الجميع في أنه يقام عليه فيه الحد، فكلتا المسألتين أصل مجمع على حكمهما على ما وصفنا.
فإن قال لنا قائل: وما دلالتك على أن اخراج العائذ بالبيت إذا أتاه مستجيرا به من جريرة جرها أو من حد أصابه من الحرم جائز لإقامة الحد عليه وأخذه بالجريرة، وقد أقررت بأن الله عز وجل قد جعل من دخله آمنا، ومعنى الآمن غير معنى الخائف، فيما هما