الفريق الآخر في الحال التي بعث الله فيها نبينا (ص) على شئ من دينه، بسبب جحوده نبوة نبينا محمد (ص). وكيف يجوز أن يكون معنى ذلك إنكار كل فريق منهم أن يكون الفريق الآخر على شئ بعد بعثة نبينا (ص)، وكلا الفريقين كان جاحدا نبوة نبينا محمد (ص) في الحال التي أنزل الله فيها هذه الآية؟ ولكن معنى ذلك: وقالت اليهود: ليست النصارى على شئ من دينها منذ دانت دينها، وقالت النصارى: ليست اليهود على شئ منذ دانت دينها. وذلك هو معنى الخبر الذي رويناه عن ابن عباس آنفا. فكذب الله الفريقين في قيلهما ما قالا.
كما:
1502 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله:
وقالت اليهود ليست النصارى على شئ قال: بلى قد كانت أوائل النصارى على شئ، ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا وقالت النصارى: ليست اليهود على شئ. ولكن القوم ابتدعوا وتفرقوا.
1503 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج:
وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ قال:
قال مجاهد: قد كانت أوائل اليهود والنصارى على شئ.
وأما قوله: وهم يتلون الكتاب فإنه يعني به كتاب الله التوراة والإنجيل، وهما شاهدان على فريقي اليهود والنصارى بالكفر، وخلافهم أمر الله الذي أمرهم به فيه. كما:
1504 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قالا جميعا: ثنا ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس في قوله: وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم، أي كل يتلو في كتابه تصديق ما كفر به: أي يكفر اليهود بعيسى وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم من الميثاق على لسان موسى بالتصديق بعيسى عليه السلام، وفي الإنجيل مما جاء به عيسى تصديق موسى، وما جاء به من التوراة من عند الله وكل يكفر بما في يد صاحبه.
القول في تأويل قوله تعالى: كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم.
اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله: كذلك قال الذين لا يعلمون، فقال بعضهم بما: