1395 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين فقرأ حتى بلغ: فلا تكفر قال: الشياطين والملكان يعلمون الناس السحر.
قال أبو جعفر: فمعنى الآية على تأويل هذا القول الذي ذكرنا عمن ذكرناه عنه:
واتبعت اليهود الذي تلت الشياطين في ملك سليمان الذي أنزل على الملكين ببابل وهاروت وماروت. وهما ملكان من ملائكة الله، سنذكر ما روي من الاخبار في شأنهما إن شاء الله تعالى.
وقالوا: إن قال لنا قائل: وهل يجوز أن ينزل الله السحر، أم شاء الله تعالى هل يجوز لملائكته أن تعلمه الناس؟ قلنا له: إن الله عز وجل قد أنزل الخير والشر كله. وبين جميع ذلك لعباده، فأوحاه إلى رسله وأمرهم بتعليم خلقه وتعريفهم ما يحل لهم مما يحرم عليهم وذلك كالزنا والسرقة وسائر المعاصي التي عرفهموها ونهاهم عن ركوبها، فالسحر أحد تلك المعاصي التي أخبرهم بها ونهاهم عن العمل بها.
قالوا: ليس في العلم بالسحر إثم، كما لا إثم في العلم بصنعة الخمر ونحت الأصنام والطنابير والملاعب، وإنما الاثم في عمله وتسويته.
قالوا: وكذلك لا إثم في العلم بالسحر، وإنما الاثم في العمل به وأن يضر به من لا يحل ضره به.
قالوا: فليس في إنزال الله إياه على الملكين ولا في تعليم الملكين من علماه من الناس إثم إذا كان تعليمهما من علماه ذلك بإذن الله لهما بتعليمه بعد أن يخبراه بأنهما فتنة وينهاه عن السحر والعمل به والكفر وإنما الاثم على من يتعلمه منهما ويعمل به، إذ كان الله تعالى ذكره قد نهاه عن تعلمه والعمل به.
قالوا: ولو كان الله أباح لبني آدم أن يتعلموا ذلك، لم يكن من تعلمه حرجا، كما لم يكونا حرجين لعلمهما به، إذ كان علمهما بذلك عن تنزيل الله إليهما.
وقال آخرون: معنى ما معنى الذي، وهي عطف على ما الأولى، غير أن الأولى في معنى السحر والآخرة في معنى التفريق بين المرء وزوجه.
فتأويل الآية على هذا القول: واتبعوا السحر الذي تتلو الشياطين في ملك سليمان، والتفريق الذي بين المرء وزوجه الذي أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت. ذكر من قال ذلك: