جامع البيان - إبن جرير الطبري - ج ١ - الصفحة ٣٩٩
فقال جل ثناؤه: (إن الله وعدكم وعد الحق) (1) وقال: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم) (2) قالوا: فكذلك الواجب أن يكون هو المنفرد بالوعد في قوله: " وإذ وعدنا موسى ".
والصواب عندنا في ذلك من القول، أنهما قراءتان قد جاءت بهما الأمة وقرأت بهما القراء، وليس في القراءة بإحداهما إبطال معنى الأخرى، وإن كان في إحداهما زيادة معنى على الأخرى من جهة الظاهر والتلاوة. فأما من جهة المفهوم بهما فهما متفقتان، وذلك أن من أخبر عن شخص أنه وعد غيره اللقاء بموضع من المواضع، فمعلوم أن الموعود ذلك واعد صاحبه من لقائه بذلك المكان، مثل الذي وعده من ذلك صاحبه إذا كان وعده ما وعده إياه من ذلك من اتفاق منهما عليه. ومعلوم أن موسى صلوات ا لله عليه لم يعده ربه الطور إلا عن رضا موسى بذلك، إذ كان موسى غير مشكوك فيه أنه كان بكل ما أمر الله به راضيا، وإلى محبته فيه مسارعا. ومعقول أن الله تعالى لم يعد موسى ذلك إلا وموسى إليه مستجيب. وإذ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الله عز ذكره قد كان وعد موسى الطور، ووعده موسى اللقاء، وكان الله عز ذكره لموسى واعدا ومواعدا له المنجاة على الطور، وكان موسى واعدا لربه مواعدا له اللقاء. فبأي القراءتين من " وعد " واعد " قرأ القارئ، فهو الحق في ذلك من جهة التأويل واللغة، مصيب لما وصفنا من العلل قبل. ولا معنى لقول القائل: إنما تكون المواعدة بين البشر، وأن الله بالوعد والوعيد منفرد في كل خير وشر، وذلك أن انفراد الله بالوعد والوعيد في الثواب والعقاب والخير والشر والنفع والضر الذي هو بيده وإليه دون سائر خلقه، لا يحيل الكلام الجاري بين الناس في استعمالهم إياه عن وجوهه ولا يغيره عن معانيه. والجاري بين الناس من الكلام المفهوم ما وصفنا من أن كل إيعاد كان بين اثنين فهو وعد من كل واحد منهما صاحبه ومواعدة بينهما، وأن كل واحد منهما واعد صاحبه مواعد، وأن الوعد الذي يكون به الانفراد من الواعد دون الموعود إنما هو ما كان بمعنى الوعد الذي هو خلاف الوعيد.
القول في تأويل قوله تعالى: (موسى).
وموسى فيما بلغنا بالقبطية كلمتان، يعني بهما: ماء وشجر، فمو: هو الماء، وسا:
هو الشجر. وإنما سمي بذلك فيما بلغنا، لان أمه لما جعلته في التابوت حين خافت عليه

(1) سورة إبراهيم، الآية: 22.
(2) سورة الأنفال، الآية: 7.
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 بسم الله الرحمن الرحيم 77
2 2 الحمد لله رب العالمين 90
3 3 الرحمن الرحيم 96
4 4 ما لك يوم الدين 97
5 5 إياك نعبد وإياك نستعين 103
6 6 اهدنا الصراط المستقيم 106
7 7 صراط الذين أنعمت عليهم 113
8 سورة البقرة 1 ألم 129
9 2 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 142
10 3 الذين يؤمنون بالغيب 148
11 4 والذين يؤمنون بما أنزل إليك 154
12 5 أولئك على هدى من ربهم 156
13 6 إن الذين كفروا سواء عليهم 159
14 7 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم 163
15 8 ومن الناس من يقولوا آمنا بالله 169
16 9 يخادعون الله والذين آمنوا 172
17 10 في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا 176
18 11 وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض 182
19 12 ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون 184
20 13 وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس 185
21 14 وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا 187
22 15 الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم 191
23 16 أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى 198
24 17 مثلهم كمثل الذي استوقد نارا 202
25 18 صم بكم عمي فهم لا يرجعون 210
26 19 أو كصيب من السماء فيه ظلمات 213
27 20 يكاد البرق يخطف أبصارهم 214
28 21 يا أيها الناس اعبدوا ربكم 232
29 22 الذي جعل لكم الأرض فراشا 234
30 23 وإن كنتم في ريب مما نزلنا 239
31 24 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا 243
32 25 وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات 245
33 26 إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما 255
34 27 الذين ينقضون عهد الله 263
35 28 كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا 268
36 29 هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا 268
37 30 وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل 282
38 31 وعلم آدم الأسماء كلها 307
39 32 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا 315
40 33 قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم 317
41 34 وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم 320
42 35 وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة 327
43 36 فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما 336
44 37 فتلقى آدم من ربه كلمات تاب عليه 347
45 38 قلنا اهبطوا منها جميعا 347
46 39 والذين كفروا وكذبوا بآياتنا 354
47 40 يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي 355
48 41 وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم 358
49 42 ولا تلبسوا الحق بالباطل 362
50 43 وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة 366
51 44 أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم 367
52 45 واستعينوا بالصبر والصلاة 370
53 46 الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم 373
54 47 يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي 377
55 48 واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس 379
56 49 وإذ نجيناكم من آل فرعون 384
57 50 وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم 392
58 51 وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة 398
59 52 ثم عفونا عنكم من بعد ذلك 405
60 53 وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان 406
61 54 وإذ قال موسى لقومه إنكم ظلمتم أنفسكم 407
62 55 وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك 412
63 56 ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون 415
64 57 وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن 418
65 58 وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها 426
66 59 فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل 432
67 60 وإذ استسقى موسى لقومه 437
68 61 وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام 440
69 62 إن الذين آمنوا والذين هادوا 453
70 63 وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور 462
71 64 ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله 466
72 65 ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت 468
73 66 فجعلناها نكالا لما بين يديها 474
74 67 وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم 478
75 68 قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي 478
76 69 قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها 489
77 70 قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي 492
78 71 قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول 497
79 72 وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها 504
80 73 فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله 509
81 74 ثم قست قلوبكم من بعد ذلك 511
82 75 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم 518
83 76 وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا 522
84 77 أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون 526
85 78 ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب 527
86 79 فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم 534
87 80 وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة 538
88 81 بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته 542
89 82 والذين آمنوا وعملوا الصالحات 547
90 83 وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل 548
91 84 وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم 555
92 85 ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم 558
93 86 أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا 566
94 87 ولقد آتينا موسى الكتاب 567
95 88 وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله 571
96 89 ولما جاءهم كتاب من عند الله 577
97 90 بئسما اشتروا به أنفسهم 581
98 91 وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله 588
99 92 ولقد جاءكم موسى بالبينات 592
100 93 وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور 593
101 94 قل إن كانت لكم الدار الآخرة 596
102 95 ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم 600
103 96 ولتجدنهم أحرص الناس على حياة 601
104 97 قل من كان عدوا لجبريل 606
105 98 من كان عدوا لله وملائكته ورسله 616
106 99 أو كلما عاهدوا الله عهدا نبذه فريق منهم 619
107 101 ولما جاءهم رسول من عند الله 622
108 102 واتبعوا ما تتلوا الشياطين 623
109 103 ولو أنهم آمنوا واتقوا 655
110 104 يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا 656
111 105 ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب 663
112 106 ما ننسخ من آية أو ننسها 665
113 107 ألم تعلم أن الله له ملك السماوات 673
114 108 أم تريدون أن تسألوا رسولكم 676
115 109 ود كثير من أهل الكتاب 681
116 110 وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة 686
117 111 وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا 687
118 112 بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن 689
119 113 وقالت اليهود ليست النصارى 691
120 114 ومن أظلم ممن منع مساجد الله 695
121 115 ولله المشرق والمغرب 700
122 116 وقالوا اتخذ الله ولذا سبحانه 707
123 117 بديع السماوات والأرض 709
124 118 وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله 714
125 119 إنا أرسلناك بشيرا ونذيرا 719
126 120 ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى 721
127 121 الذين آتيناهم الكتاب يتلونه 722
128 122 يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي 728
129 123 واتقوا يوما لا تجزى نفس 729
130 124 وإذ ابتلى إبراهيم ربه 729
131 125 وإذ جعنا البيت مثابة للناس 740
132 126 وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا 752
133 127 وإذ يرفع إبراهيم القواعد 759
134 128 ربنا واجعلنا مسلمين لك 768
135 129 ربنا وابعث فيهم رسولا منهم 773
136 130 ومن يرغب عن ملة إبراهيم 776
137 131 إذ قال له ربه أسلم 778
138 132 ووصى بها إبراهيم بنيه 779
139 133 أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب 781
140 134 تلك أمة قد خلت لها ما كسبت 783
141 135 وقالوا كونوا هودا أو نصارى 784
142 136 قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا 788
143 137 فإن آمنوا بمثل ما آمنتم 790
144 138 صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة 792
145 139 قل أتحاجوننا في الله 795
146 140 أم تقولون إن إبراهيم 796
147 141 تلك أمة قد خلت 799