وكل مرحلة من هذه المراحل تأتي بعد المرحلة السابقة لها، والجميل في الأمر أنها تتم جميعا في ظل نور القرآن وتوجيهاته.
القرآن هو الذي يعظ البشر، والقرآن هو الذي يغسل قلوبهم من تبعات الذنوب والصفات القبيحة، والقرآن هو الذي يوقد نور الهداية في القلوب ليضيئها، والقرآن أيضا هو الذي ينزل النعم الإلهية على الفرد والمجتمع.
ويوضح أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في كلامه الجامع في نهج البلاغة هذه الحقيقة بأبلغ تعبير، حيث يقول: " فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على ولائكم، فإن فيه شفاء من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق، والغي والضلال " (1).
وهذا بنفسه يبين أن القرآن وصفة لتحسين حال الفرد والمجتمع، وصيانتهم من أنواع الأمراض الأخلاقية والاجتماعية، وهذه الحقيقة أودعها المسلمون في كف النسيان، وبدل أن يستفيدوا من هذا الدواء الشافي، فإنهم يبحثون عن دوائهم وعلاجهم في المذاهب الأخرى، وجعلوا هذا الكتاب السماوي الكبير كتاب قراءة فقط، لا كتاب تفكر وعمل!
وتقول الآية الأخرى من أجل تكميل هذا البحث والتأكيد على هذه النعمة الإلهية الكبرى - أي القرآن المجيد -: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ولا يفرحوا بمقدار الثروات، وعظم المراكز، وعزة القوم والقبيلة، لأن رأس المال الحقيقي والأساس للسعادة الحقيقية هو هذا القرآن، فهو أفضل من كل ما جمعوه، ولا يمكن قياسه بذلك المجموع، إذا هو خير مما يجمعون.
* * *