المواهب والأرزاق منه، يجب أن يقبل هذه الحقيقة أيضا، وهي أن بيان حكم هذه المواهب من حيث الحلية والحرمة بيده، وإن التدخل في هذا العمل بدون إذنه عمل غير صحيح.
الآية الأولى وجهت الخطاب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالت: قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا إذا أنهم طبقا لسننهم الخرافية حرموا قسما من الدواب باسم " السائبة " و " البحيرة " و " الوصيلة (1) "، وكذلك حرموا جزءا من محاصيلهم الزراعية، وحرموا أنفسهم من هذه النعم الطاهرة المحللة، إضافة إلى ذلك فإن كون الشئ حراما أو حلالا ليس مرتبطا بكم، بل هو مختص بأمر الله خالق تلك الموجودات.
ثم تقول: قل الله أذن لكم أم على الله تفترون، أي إن لهذا العمل صورتين لا ثالث لهما: فأما أن يكون بإذن الله، أو أنه تهمة وافتراء، ولما كان الاحتمال الأول منتفيا، فلم يبق إلا الثاني.
الآن وقد أصبح من المسلم أن هؤلاء بهذه الأحكام الخرافية المبتدعة، إضافة إلى أنهم حرموا من النعم الإلهية، فإنهم قد افتروا على الساحة الإلهية المقدسة، ولذلك تضيف الآية: وما ظن الذي يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على العالمين ولذلك فإنه لسعة رحمته لا يعاقب هؤلاء فورا على أعمالهم القبيحة.
إلا أن هؤلاء بدل أن يستغلوا هذه الفرصة الإلهية ويشكروا الله على ذلك وينيبوا إليه، فإن أكثرهم غافلون: ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
ويحتمل في تفسير هذه الآية أيضا، أن كون كل هذه المواهب والأرزاق - عدا الأشياء المضرة والخبيثة المستثناة - محللة هو بنفسه نعمة إلهية كبرى، وإن كثيرا