الجملة تأكيد على طريقة القرآن دائما في مسأله العقوبة والعدالة، لأن تأكيدات الآية السابقة في عقاب المذنبين يمكن أن توجد لدى الأفراد الغافلين توهم أن المسألة مسألة انتقام، ولذا فإن القرآن يقول أولا إن الحكم بين هؤلاء يجري بالقسط، ثم يؤكد على أن أي أحد من هؤلاء سوف لا يظلم.
ثم، ومن أجل أن لا يأخذ الناس هذه الوعود والتهديدات الإلهية مأخذ الهزل، ولكي لا يظنوا أن الله عاجز عن تنفيذ هذه الوعود، تضيف الآية: ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون لأن جهلهم قد حجب بصيرتهم وجعل عليها غشاوة فلم يعوا الحقيقة.
وتوكد آخر آية على هذه المسألة الحياتية مرة أخرى، حيث تقول: هو يحيي ويميت وبناء على ذلك فإن له القدرة على إماتة العباد، كما أن له القدرة على إحيائهم لمحكمة الآخرة، وفي النهاية: وإليه ترجعون وستلاقون جزاء كل أعمالكم هناك.
* * * 2 ملاحظتان 1 - من جملة الأسئلة التي تطرح في مورد الآيات أعلاه: هل أن لسؤال المشركين عن واقعية العقاب الإلهي صفة الاستهزاء، أم أنه كان سؤالا حقيقيا؟
ذهب البعض إلى أن السؤال الحقيقي علامة الشك، وهو لا يناسب وضع المشركين، إلا أنه بملاحظة أن كثيرا من المشركين كانوا في حالة تردد، وجماعة منهم أيضا كانوا على علم بأحقية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد وقفوا ضده نتيجة التعصب والعناد وأمثال ذلك، فسيبدو واضحا أن كون سؤال هؤلاء حقيقيا ليس بعيدا أبدا.
2 - إن حقيقة الندامة هي الندم على ارتكاب عمل اتضحت آثاره السلبية سواء استطاع الإنسان أن يجبر ذلك أم لا، وندم المجرمين في القيامة من النوع الثاني، وإنما كتموه لأن إظهاره سيزيد من فضيحتهم.