وقوله " فمن عفي له من أخيه شئ "، كقولك " سير " يريد بعض السير، ولا يصح أن يكن " شئ " في معنى المفعول به، لان عفى لا يتعدى إلى المفعول به الا بواسطة.
و " أخوه " هو ولي المقتول، وذكره بلفظ الاخوة ليعطف أحدهما على صاحبه بذكر ما هو ثابت بينهما من الجنسية والاسلام.
فان قيل: ان " عفا " يتعدى بعن لا باللام، فما وجه قوله " فمن عفى له "؟
قلنا: يتعدى بعن إلى الجاني والى الذنب فيقال " عفوت عن فلان وعن ذنبه " قال تعالى " عفا الله عنك " (1 وقال " عفا الله عنها " (2، فان تعدى إلى الذنب قيل " عفوت لفلان عما جنى " كما يقال " تجاوزت له عنه ". وعلى هذا فما في الآية كأنه قيل: فمن عفا له من جنايته. فاستغنى عن ذكر الجناية.
فان قيل: هنا فسرت عفا بترك جنى يكون شئ في معنى المفعول به.
قلنا: لان عفا الشئ إذا تركه ليس يثبت ولكن أعفاه ذمته، قوله عليه السلام " أعفوا اللحى ".
فان قيل: فقد ثبت قولهم " عفا الشئ " إذا نحاه فان له فهلا فعلت معناه فمن عفا له من أخيه شئ.
قلنا: عبارة قلقه في مكانها، والعفو في الجنايات عبارة مشهورة في الشرع فلا نعدل عنها.
مسألة:
قول " ولكم في القصاص حياة " (3 عرف القصاص ونكر الحياة، لان المعنى