تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا " (1) ومعناه ولولا أن يقولوا أن أصابهم مصيبة، وإنما قدم وأخر. قال الرماني قول سيبويه في هذا أقوى لما في الثاني من الدعوى لاخراج الجزاء إلى المصدر لغير فائدة.
وأنكر بعضهم قراءة حمزة " إن تضل " - بكسر الهمزة - وقال الرماني:
لا معنى لهذا الانكار، لان عليها إجماع الأمة وتسليم القراءة بها ولها وجه صحيح في العربية. وقال أبو علي الفارسي إن حمزة جعل إن للجزاء، والفاء في قوله " فتذكر " جواب الجزاء، ويكون موضع جوابه رفعا بكونها وصفا للمنكرين وهما المرأتان في الآي وقوله: (فرجل وامرأتان) خبر ابتداء محذوف، وتقديره فمن يشهد رجل وامرأتان، وانفتحت اللام في هذه القراءة لالتقاء الساكنين، وموضعهما الجزم ولو كسرت، لكان جائزا وقال قوم: غلط سفيان بن عيينة في تأويله، لان إحداهما إذا نسيت لم تجعلها الأخرى ذكرا وهذا ليس بشئ، لان المعنى تذكرها تصير معها بمنزلة الذكر لان بعدهما من النسيان إذا اجتمعا بمنزلة بعد الذكر، فان قيل: فلم قال " فتذكر إحداهما الأخرى " فكرر لفظ إحداهما، ولو قال فتذكرها الأخرى لقام مقامه مع اختصاره. قيل قال الحسين بن علي المغربي: إن تضل إحداهما يعني إحدى الشهادتين أي تضيع بالنسيان فتذكر إحدى المرأتين الأخرى، لئلا يتكرر لفظ إحداهما بلا معنى ويؤيد ذلك أنه يسمى ناسي الشهادة ضالا. ويجوز أن يقال: ضلت الشهادة إذا ضاعت كما قال تعالى: " قالوا ضلوا عنا " (2) أي ضاعوا منا ويحتمل أن يكون إنما كرر لئلا يفصل بين الفعل والفاعل بالمفعول فان ذلك مكروه غير جيد، فعلى هذا يكون إحداهما الفاعلة والأخرى مفعولا بها. وقوله: (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) قيل في معنى ما دعوا إليه ثلاثة أقوال:
أحدها - لاثبات الشهادة في الكتاب وتحملها ذهب إليه ابن عباس، وقتادة،