لما فيها من اللطف، والاعتبار. ويمكن الدلالة على الأمور المقدورة لله تعالى.
وقول من قال إن قوله: " كن " سبب للحوادث التي يفعلها الله تعالى فاسد من وجوه:
أحدها - ان القادر بقدرة يقدر على أن يفعل من غير سبب، فالقادر للنفس بذلك أولى. ومنها أن " كن " محدثة فلو احتاجت إلى " كن " أخرى لتسلسل، وذلك فاسد. ولو استند ذلك إلى كن قديمة، لوجب قدم المكون، لأنه كان يجب أن يكون عقيبه، لان الفاء توجب التعقيب وذلك يؤدي إلى قدم المكونات.
ومنها أنه لو ولدت لولدت من فعلنا كالاعتماد. وإنما استعمل القديم لفظة الامر فيما ليس بأمر هاهنا ليدل بذلك على أن فعله بمنزلة فعل المأمور في أنه لا كلفة على الامر، فكذلك هذا لا كلفة على الفاعل، وذلك على عادة العرب في جعلهم وقوع الشئ عقيب الإرادة بمنزلة الجواب عن السؤال قال الشاعر:
وقالت لنا العينان سمعا وطاعة * وحدرتا كالدر لما يثقب (1) فجعل انحدار الدمع قولا على الوجه الذي بيناه. وقوله: (كن فيكون) ههنا لا يجوز فيه إلا الرفع، لأنه لا يصلح أن يكون جوابا للام في كن لان الجواب يجب بوجود الأول نحو اتني فأكرمك وقم فأقوم معك. ولا يجوز قم فيقوم، لأنه بتقدير قم فإنك إن تقم يقم. وهذا لا معنى له، ولكن يجوز الرفع على الاختيار انه سيقوم ويجوز في قوله: " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " (2) النصب، لأنه معطوف على " أن نقول " كأنه قيل أن نقول فيكون.
قوله تعالى:
(ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل) (48).