الثاني - حكي عن محمد بن جعفر بن الزبير، واختاره الجبائي أنه الدائم.
وأصل الوصف بقيوم الاستقامة. فعلى قول مجاهد يكون لاستقامة التدبير، وعلى القول الآخر لاستقامة الصفة بالوجود من حيث لا يجوز عليه التغيير بوجه من الوجوه كما يجوز على ما يحول وينبدل. وتقول هذا معنى قائم في النفس أي موجود على الاستقامة دون الاضطراب. وأصل " قيوم " قيووم على وزن فيعول فقلبت الواو الأولى ياء، لان ما قبلها ياء ساكنة، وأدغمت نحو سيد وميت.
ولا يجوز أن يكون وزنه فعولا لأنه لو كان كذلك لكان قووما، فوصف الله تعالى بالحي القيوم يتضمن أنه يستحق العبادة من حيث أن هذه الصفة دلت على أنه القادر على ما يستحق به العبادة دون غيره، لان صفة قيوم صفة مبالغة لا تجوز إلا الله على المعنيين معا من معنى الموجود أو (القائم على) عموم الخلق بالتدبير.
قوله تعالى:
(نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل) (3) آية.
قيل في معنى قوله: " نزل عليك الكتاب بالحق " وجهان:
أحدهما - بالصدق في أخباره وجميع دلالاته التي تقوم مقام الخبر في تعلقها بمدلولها على ما هو به، ففي جميع ذلك معنى التصديق.
والثاني - بالحق أي بما توجبه الحكمة من الانزال كما أتى بما يوجبه الحكم من الارسال وهو حق من الوجهين. وقوله: (مصدقا لما بين يديه) نصب على الحال ومعناه لما قبله من كتاب أو رسول في قول مجاهد وقتادة والربيع وجميع المفسرين. وإنما قيل لما قبله لما بين يديه، لأنه ظاهر له كظهوره لما بين يديه.
وقيل في معنى " مصدقا " ههنا قولان:
أحدهما - " مصدقا لما بين يديه " وذلك لموافقته ما تقدم الخبر به وفيه آية تدل على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وآله من حيث لا يكون ذلك إلا من عند علام الغيوب.