والحق هو الفعل الذي لا يجوز إنكاره وقيل ما علم صحته سواء كان قولا أو فعلا أو اعتقادا وهو مصدر حق يحق حقا وانتصب في الآية على المصدر وتقديره أحق حقا وقد استعمل على وجه الصفة،، بمعنى ذي الحق، كما وصف بالعدل " على المتقين " معناه على الذين يتقون عقاب الله باجتناب معاصيه، وامتثال أو امره.
قوله تعالى:
فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم (181) آية بلا خلاف.
الهاء في قوله: " فمن بدله " عائدة على الوصية: وإنما ذكر حملا على المعنى، لان الايصاء والوصية واحد. والهاء في قوله: " فإنما إثمه " عائدة على التبديل الذي دل عليه قوله: " فمن بدله ". وقال الطبري: الهاء تعود على محذوف، لان عودها على الوصية المذكورة لا يجوز، لان التبديل إنما يكون لوصية الموصي. فأما أمر الله عز وجل بالوصية، فلا يقدر هو، ولا غيره أن يبدله. قال الرماني: وهذا باطل، لان ذكر الله الوصية إنما هو لوصية الموصي، فكأنه قيل: كتب عليكم وصية مفروضة عليكم، فالهاء تعود إلى الوصية المفروضة التي يفعلها الموصي.
وقوله تعالى: " فمن بدله " فالتبديل: هو تغيير الشئ عن الحق فيه. فأما البدل، فهو وضع شئ مكان آخر. ومن أوصى بوصية في ضرار فبدلها الوصي، لا يأثم. وقال ابن عباس: من وصى في ضرار لم تجز وصيته لقوله " غير مضار " (1).
والوصي إذا بدل الوصية لم ينقص من أجر الموصي شئ، كما لو لم تبدل، لأنه لا يجازى أحد على عمل غيره، لكن يجوز أن يلحقه منافع الدعاء، والاحسان الواصل إلى الموصى له، على غير وجه الاجر له، لكن على وجه الجزاء لغيره ممن وصل إليه ذلك الاحسان، فيكون ما يلحق المحسن إليه من ذلك أجرا له، يصح