كان يخبر، ووجه القراءة بالياء أن يكون كناية عمن تقدم ذكره من أهل الكتاب ليكون الكلام على طريقة واحدة، ووجه التاء أن يخلطهم بغيرهم من المكلفين، ويكون خطابا للجميع في أن حكمهم واحد.
وإنما جوزي ب (ما) ولم يجاز ب (كيف) لان (ما) أمكن من (كيف) لأنها تكون معرفة ونكرة، لأنها للجنس و (كيف) لا تكون إلا نكرة، لأنها للحال والحال لا تكون إلا نكرة، لأنها للفائدة اللغة والمعنى:
وقوله: (فلن يكفروه) مجاز كما أن الصفة لله بأنه شاكر مجاز. وحقيقته أنه يثيب على الطاعة ثواب الشاكر على النعمة، فلما استعير للثواب الشكر واستعبر ؟ قيضه من منع الثواب الكفر، لان الشكر في الأصل هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم، والكفر ستر النعمة من المنعم عليه بتضييع حقها. ومعنى الآية فلن يمنعوا ثوابه، وسمي منع الجزاء كفرا، لأنه بمنزلة الجحد له بستر، لان أصل الكفر الستر، ولذلك قيل لجاحد نعم الله ومن جرى مجراه في الامتناع من القيام بحقها: كافر، فالكافر هو المضيع لحق نعمة الله بما يجري مجرى الجحود.
وقوله: (والله عليم بالمتقين) إنما خص المتقين بالذكر، لان الكلام اقتضى ذكر جزاء المتقين، فدل على أنه لا يضيع شئ من عملهم، لان المجازي به عليم، وأنهم أمر أمرهم الفجار تعويلا على ما ذكره في غيرها من أي الوعيد.
قوله تعالى:
(إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) (116) آية.
المعنى:
لما ذكر تعالى أن عمل المتقين لن يضيع، وأنهم يجازون به، أستأنف حكم