وقوله: " لا يحب المعتدين " معناه لا يريد ثوابهم، ولا مدحهم، كما يحب ثواب المؤمنين. وقد بينا فيما مضى أن المحبة هي الإرادة. وإنما قلنا إنها من جنس الإرادة، لان الكراهة تنافيها، ولا يصح اجتماعهما، ولأنها تتعلق بما يصح حدوثه لا كالإرادة، فلا يصح أن يكون محبا للايمان كارها له، كما بينا في أن يكون مريدا له وكارها. وتعلق المحبة بأن يؤمن، كتعلق الإرادة بأن يؤمن. وإنما اعتيد في المحبة الحذف، ولم يعتد ذلك في الإرادة، فيقال: الله يحب المؤمن، ولا يقال: الله يريد المؤمن. وقوله: " لا يحب المعتدين " ظاهره يقتضي أنه يسخط عليهم، لأنه على وجه الذم لهم إذ لا يجوز أن يطلق على من لا ذنب له من الأطفال، والمجانين.
والاعتداء مجاوزة الحق. وأصله المجاوزة، يقال: عدا إذا جاوز حده في الاسراع.
وروي عن أئمتنا (ع). أن قوله تعالى: " وقاتلوا في سبيل الله " ناسخ لقوله: " كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " (1) وكذلك قوله:
" واقتلوهم حيث ثقفتموهم " (2) ناسخ لقوله " ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم " (3).
قوله تعالى:
واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين (191) آية واحدة بلا خلاف.