الكافرين، وبين انه " لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم " شيئا من الله وإنما خص الأموال، والأولاد بالذكر في أنهم لا يغنون عن الكافر شيئا وإن كان لا يغني عنهم غير هؤلاء أيضا شيئا، لأنهما معتمد ما يقع به الاعتداد، ومما يعول عليه الانسان ويرجوه للشدائد ويفيد النفي العام، لأنه إذا لم يغن عنه من هو حقيق بالغناء لمنع من لا يعجزه شئ فغناء من دونه أبعد.
اللغة:
وقوله: (وأولئك أصحاب النار) إنما سموا أصحاب النار، للزومهم فيها كما يقال هؤلاء أصحاب الصحراء إذا كانوا ملازمين لها، وقد يقال أصحاب العقار بمعنى ملاكه وأصحاب الرجل أتباعه وأعوانه وأصحاب العالم من يعني به الآخذون عنه، والمتعلمون عنه، فالإضافة مختلفة. ومعنى " لن تغني عنهم " أي لن تدفع عنهم ضرر الولاء النازل بهم ولو قيل أغناه كذا عن كذا أفاد أن أحد الشيئين صار بدلا من الاخر في نفي الحاجة، والغنى الاختصاص بما ينفي الحاجة، فان اختص بمال ينفي الحاجة، فذلك غنى. وكذلك الغنى بالجاه والأصحاب وغير ذلك، فأما الغنى في صفت الله فاختصاصه بكونه قادرا على وجه لا يعجزه شئ، وقولنا فيه: أنه غنى معناه أنه لا يجوز عليه الحاجة.
وأصل النار النور، وهو مصدر. والنار جنس تجري مجرى الوصف في تضمنه معنى الأصل وزيادة عليه، لأنها جسم لطيف فيه حرارة ونور. ومنه امرأة نوار أي نافرة عن الشر عفيفة، لأنها كالنار في الامتناع. ومنه المنار الاعلام، لأنها كالنور في البيان. ومنه المنارة التي يسرج عليها.
قوله تعالى:
(مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن