عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان " (1) أنعم عليكم. والمنة: القوة في القلب والمن: الذي يقع من السماء، والمن الذي يوزن به، لأنه يقطع على مقدار مخصوص.
وقوله: " ولا أذى " فهو نحو قولهم أنت أبدا فقير، ومن أبلاني بك وأراحني الله منك، وما أشبه ذلك مما يؤذي قلب المعطى وقوله " لهم أجرهم عند ربهم " والاجر هو النفع المستحق بالعمل " ولا خوف عليهم " فالخوف يوقع الضرر الذي لا يؤمن وقوعه.
" ولاهم يحزنون " فالحزن الغم الذي يغلظ على النفس. ومنه الحزن:
الأرض الغليظة. وقيل في معناه قولان:
أحدهما - لا خوف عليهم لفوت الاجر. والثاني - لا خوف عليهم لأهوال الآخرة. وقيل أنه دليل على أن الوعد بشرط لأنه مغموم الكلام. لان تقديره في المعنى ان لم يتبعوا ما أنفقوا منا ولا أذى، فلهم من الاجر كذا، وليس في الآية ما يدل على صحة القول بالاحباط أصلا، لان الوعد متى كان مشروطا بأن لا يتبع بالمن والأذى فمتى اتبع بهما لم يحصل الشرط الذي يوجب استحقاق الثواب فلم يحصل شئ أصلا ثم انحبط، وإنما كان فيه لبس لو ثبت استحقاقهم بنفس الانفاق فإذا اتبع بالمن انحبط ذلك. وهذا ليس في الآية.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: المنان: بما يعطي لا يكلمه الله ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم. وقال الضحاك لان يمسك ماله خير له من أن ينفقه ثم يتبعه منا وأذى.
قوله تعالى:
(قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم) (263) آية بلا خلاف.