وزهدكم فيه، لكي تفلحوا بالوصول إلى ثوابه الذي ضمنه للمتقين.
قوله تعالى:
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (190) آية بلا خلاف.
المعنى:
القتال هو المقاتلة، وهو محاولة الفاعل لقتل من يحاول قتله، والتقاتل محاولة كل واحد من المتعاديين قتل الاخر. والخطاب بقوله " وقاتلوا " متوجه إلى المؤمنين.
ولو قال: " تقاتلوا " لكان أمرا للفريقين. وذهب الحسن، وابن زيد، والربيع، والجبائي: إلى أن هذه الآية منسوخة، لأنه قد وجب علينا قتال المشركين وإن لم يقاتلونا بقوله " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " (1) وقوله: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " (2). وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز:
أنها غير منسوخة. وقال بعضهم: أمروا بقتال المقاتلين دون النساء. وقيل: إنهم أمروا بقتال أهل مكة. والأولى حمل الآية على عمومها إلا من أخرجه الدليل.
وقوله " تعتدوا " قيل فيه ثلاثة أقوال: أحدها - لا تعتدوا بالقتال بقتال من لم تؤمروا بقتاله. الثاني - لا تعتدوا إلى النساء، والصبيان، ومن قد أعطيتموه الأمان. الثالث - لا تعتدوا بالقتال على غير الذين. فان قيل: إذا كان الاعتداء في قتال من لم يقاتلهم فكيف يجوز ان يؤمروا به فيما بعد؟ قيل: إنما كان اعتداء من أجل أنه مجاوزة لما حده الله لهم مما فيه الصلاح للعباد، ولم يكن فيما بعد على ذلك، فجاز الامر به.
وقوله: " في سبيل الله " يعنى دين الله، وهو الطريق الذي بينه للعباد، ليسلكوه على ما أمرهم به ودعاهم إليه.