واجعل على كل جبل منهن جزأ فان الله يحييهن، فإذا أحياهن فادعهن يأتينك سعيا، فيكون الايماء إليها بعد أن صارت أحياء، لان الايماء إلى الجماد لا يحسن، فان قيل: إذا أحياها الله كفى ذلك في باب الدلالة، فلا معنى لدعائها، لان دعاء البهائم قبيح؟ قلنا: وجه الحسن في ذلك أنه يشير إليها، فسمي ذلك دعاء لتأتي إليه فيتحقق كونها أحياء ويكون ذلك أبهر في باب الاعجاز. وقال الطبري معنى الدعاء ههنا الاخبار عن تكوينها أحياء كما قال (كونوا قردة خاسئين) (1) وقوله:
(أتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين).
اللغة:
والجبل وتد من أوتاد الأرض معروف. وجبل فلان على كذا أي طبع عليه وأجبل القوم أجبالا: إذا صاروا في الجبال وتجبلوا إذا دخلوها، ورجل ذو جبلة إذا كان غليظ الجسم، لأنه كالجبل في الغظ. والجبلة الأمة من الناس وأجبل الحافر: إذا أفضى إلى صلابة لا يمكنه الحفر فيه، ومنه أجبل الشاعر إذا صعب عليه القول، والجزء: بعض. الجزأ جزأته تجزئة إذا بعضته، والجزء الاجتزاء بالرطب عن الماء جزأت الوحشية جزوء لاكتفائها بالجزء الذي في الرطب منه والجزاء نصاب السكين وأصل الباب الجزء البعض.
قوله تعالى:
(مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) (261) آية واحدة بلا خلاف.
هذه الآية متصلة بقوله: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) وما بينهما الاعتراض بالاستدعاء إلى الحق مما أمر الله بالحجج والعبر التي ذكرها من احياء