إليك " يعني النصارى، لأنهم لا يستحلون أموال من خالفهم، وعنى بقوله:
" ومنهم من إن تأمنه بدينار " اليهود لأنهم يستحلون مال كل من خالفهم في حل السبت.
وعلى هذا يسقط سؤال من يقول أي فائدة في ذكر ذلك، لان من المعلوم في كل حال من كل أمة أن فيها من يؤدي الأمانة وفيها من لا يؤديها، فلا فائدة في ذلك؟
فان هذا ميز بين الفريقين. ومن قال بالأول يمكنه أن يقول فائدة الآية القطع على أن فيهم هؤلاء، وهؤلاء وسائر الناس يجوز أن لا يكون فيهم إلا أحد الفريقين، فلذلك فائدة بينة. ويمكن أيضا أن تكون الفائدة أن هؤلاء لا يؤدون الأمانة لاستحلالهم ذلك بقوله: " ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل " وسائر الفرق وإن كان منهم من لا يؤدي الأمانة، لا نعلم أنه يستحلها وذلك فائدة.
قوله تعالى:
(بلى من أوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين) (76) آية.
الهاء في قوله: " بعهده " يحتمل أن تكون عائدة على اسم الله في قوله:
" ويقولون على الله الكذب " ويحتمل أن تكون عائدة على (من) في قوله:
" بلى من أوفى بعهده " لان العهد يضاف إلى الفاعل، والمفعول. تقول هذا عهد فلان الذي عهد إليه به، وهذا عهد فلان الذي عهده إلى غيره. ووفى وأوفى لغتان، فأهل الحجاز يقولون أوفيت وأهل نجد يقولون وفيت. وقوله: " بلى " يحتمل معنيين:
أحدهما - الاضراب عن الأول على وجه الانكار للأول وعلى هذا الوجه " من أوفى بعهده " تكون مكتفية، نحو قولك: ما قدم فلان، فتقول بلى أي بلى قد قدم. وقال الزجاج: بلى ههنا وقف تام لأنهم لما قالوا " ليس علينا في الأميين سبيل " قيل " بلى " أي بلى عليهم سبيل.
والثاني - الاضراب عن الأول والاعتماد على البيان الثاني وعلى هذا الوجه