في وسعي. أي لا أقدر عليه وإن قدرتي لا تتسع لذلك. ومن قال: معناه لا يكلف الله نفسا إلا ما يحل لها من قولهم لا يسعك هذا أي لا يحل لك أن تفعله كان ذلك خطأ، لان رجلا لو قال لعبده: أنا لا آمرك إلا بما أطلقت لك أن تفعله كان ذلك خطأ وعيا، لان نفس أمره اطلاق. وكأنه قال: أنا لا أطلق لك إلا ما أطلق.
ولا آمرك إلا بما آمرك. وقوله: " لها ما كسبت " معناه لها ثواب ما كسبت من الطاعات وعليها جزاء ما كسبت من المعاصي والقبائح. ويجوز أيضا أن يسمى الثواب والعقاب كسبا من حيث حصلا بكسبه. وقوله: (لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) إنما جاز الرغبة إليه تعالى في ذلك وإن علمنا أنه لا يؤاخذ بذلك، ولم يجز أن يقول:
لا تجر علينا لامرين أحدهما - أن قوله: لا تجر علينا يدل على تسخط الداعي، وليس كذلك " لا تؤاخذنا إن نسينا " لان الانسان قد يتعرض للنسيان، فيقع منه الفعل الذي فيه جناية على النفس، ويحسن الاعتذار بالنسيان، فيجري الدعاء مجرى الاعتذار إذا قال العبد لسيده لا تؤاخذني بكذا فاني نسيت، فلحسن الاعتذار حسن الدعاء به. والثاني - " إن نسينا ". بمعنى تركنا لشبهة دخلت علينا.
والنسيان بمعنى الترك معروف. نحو قوله: " نسوا الله فنسيهم " (1) أي تركوا عبادته، فترك ثوابهم. وقال الجبائي معناه ما تركناه لخطأ في التأويل واعتقدنا صحته لشبهة وهو فاسد. فأما لا تجر علينا، فلا يقال إلا لمن اعتيد منه الجور، ولا يجوز أن يؤاخذ أحد أحدا بما نسيه عند أكثر أهل العدل إلا ما يحكى عن جعفر بن ميسر من أن الله تعالى يؤاخذ الأنبياء بما يفعلونه من الصغائر على وجه السهو والنسيان لعظم اقدارهم. وقال كان يجوز أن يؤاخذ الله العبد بما يفعله ناسيا أو ساهيا، ولكن تفضل بالعفو في قوله: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ذكر ذلك البلخي، وهذا غلط، لأنه كما لم يجز تكليف فعله ولا تركه لم