علمنا أن العبد متى تاب لابد أن يتوب الله عليه؟ قلنا أما على مذهبنا، فله فائدة واضحة:
وهو أن اسقاط العقاب عندها ليس بواجب عقلا، فإذا أخبر بذلك أفادنا ما لم نكن عالمين به، ومن خالف في ذلك قال: وجه ذلك أنه لما كانت توبة مقبولة وتوبة غير مقبولة صحت الفائدة بالدلالة على أن هذه التوبة مقبولة. ومعنى قبول التوبة حصول الثواب عليها وإسقاط العقاب عندها.
و (التواب) فيه مبالغة إما لكثرة ما يقبل التوبة وإما لأنه لا يرد تائبا منيبا أصلا. وقبول التوبة بمعنى اسقاط العقاب عندها، غير واجب عندنا عقلا. وإنما علم ذلك سمعا، وتفضلا، من الله تعالى على ما وعد به بالاجماع على ذلك. وقد بينا في شرح الجمل في الأصول أنه لا دلالة عقلية عليه، ووصفه نفسه بالرحيم عقيب قوله (التواب) دلالة على أن اسقاط العقاب عند التوبة تفضل منه ورحمة من جهته. ومن قال: إن الفعل الواجب نعمة إذا كان منعما بسببه كالثواب، والعوض، فإنه لما كان منعما بالتكليف وبالا لام التي يستحق بها الاعواض، جاز أن يقال في الثواب والعوض أنه تفضل وإن كانا واجبين، فقوله باطل، لان ذلك إنما قلنا في الثواب للضرورة، وليس هاهنا ضرورة تدعو إلى ذلك. وإصلاح العمل هو إخلاصه له من قبيح يشوبه، والتبيين هو التعريض للعلم الذي يمكن به صحة التميز.
الاعراب:
وموضع الذين نصب على أنه استثناء من موجب. و (إلا) حقيقتها الاستثناء.
ومعنى ذلك الاختصاص بالشئ دون غيره كقولك: جائني القوم إلا زيدا فقد اختصصت زيدا بأنه لم يجئ، وإذا قلت ما جاءني إلا زيد، فقد اختصصت زيدا بأنه جاء، وإذا قلت ما جاءني زيد إلا راكبا فقد اختصصته بهذه الحال دون غيرها من المشي والعدو، وما أشبه ذلك.
قوله تعالى:
" إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة