وسواء كان الكفر في تشبيه الله تعالى بخلقه أو في تجريده في أفعاله أو الرد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوما كان أعظم منه في القبح. واللعنة: الابعاد من الرحمة على ما بيناه مع ايجاب العقوبة، ويجري ذلك من الناس على وجه الدعاء، ومن الله على وجه الحكم، وإنما قال: (وماتوا وهم كفار) وكل كافر، فهو ملعون في حال كفره وإن لم يكن ممن يوافي بالكفر للدلالة على خلودهم في النار إذا ماتوا على غير توبة، وقد دل على ذلك ما بينه في الآية الثالثة، وإنما أكد بأجمعين ليرتفع الاحتمال، والايهام قبل أن ينظر في تحقيق الاستدلال، ولهذا لم يجز الأخفش رأيت أحد الرجلين كليهما، وأجاز رأيتهما كليهما، لأنك إذا ذكرت الحكم مقرونا بالدليل عليه، أزلت الايهام للفساد، وإذا ذكرته وحده فقد يتوهم عليك الغلط في المقصد بقولك: أحد الرجلين، لما ذكرت التثنية وذكرت أحدا كنت بمنزلة من ذكر الحكم، والدليل عليه فأما ذكر التثنية في رأيتهما، فبمنزلة ذكر الحكم وحده. وواحد الناس إنسان في في المعنى، فأما في اللفظ، فلا واحد له، وهو كنفر، ورهط مما يقال: إنه اسم للجمع.
قوله تعالى:
(خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون) " 162 " آية بلا خلاف.
المعنى:
والهاء في قوله " فيها " عائدة على اللعنة في قول الزجاج. وقال أبو العالية. هي عائدة إلى النار، ومعني قوله (ولا هم ينظرون) على قول أبي العالية رفع لايهام الاعتذار كما قال: (ولا يؤذن لهم فيعتذرون) (1) لئلا يتوهم أن التوبة والإنابة هناك تنفع. والخلود في اللعنة يحتمل أمرين أحدهما - استحقاق اللعنة بمعنى أنها تحق عليهم أبدا. والثاني - في عاقبة اللعنة: وهي النار التي لا تفنى، وإنما قال: (لا يخفف)