قوله تعالى:
(أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (277) آية واحدة.
المعنى:
إن قيل: إذا كان الثواب يستحق بخلوص الايمان فلم يشرط غيره من الخصال؟
قلنا: لم يذكر ذلك ليكون شرطا في استحقاق الثواب على الايمان وإنما بين أن كل خصلة من هذه الخصال يستحق به الثواب ونظير ذلك ما ذكره في آية الوعيد في قوله: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) (1) فإنما بين أن كل خصلة من هذه الخصال يستحق بها العقاب لان من المعلوم أن من دعا مع الله إلها آخر لا يحتاج إلى شرط عمل آخر استحق العقاب وإن كان الوعيد إنما يتوجه عليه بمجموع تلك الخصال لكان فيه تسهيل لكل واحد منهما وليس التقييد في آيتي الوعيد يجري مجرى قوله: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) (2) من قبل أن هذا معلق بحكم يجب بوجوبه ويرتفع بارتفاعه باجماع وليس كذلك ذكر هذه الخصال.
وهذه الآية تدل على أن أفعال الجوارح ليست من الايمان وإن الايمان هو التصديق بما وجب لأنها لو كانت من الايمان، لكان قوله " إن الذين آمنوا " قد اشتمل عليها فلا معنى لذكرها بواو العطف إذ لا يعطف الشئ على نفسه. فان قيل ذلك يجري مجرى قوله: (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) (3) وقوله: