التي رووها أخبار آحاد لا يعارض بها على أدلة العقول على أنه لا يمتنع أن يكون الوجه فيها وفي قوله: " ويقتلون الذين يأمرون بالقسط " هو من غلب على ظنه أن انكاره لا يؤدي إلى مفسدة فحسن منه ذلك بل وجب وإن تعقب - في ما بعد - القتل، لأنه ليس من شرطه أن يعلم ذلك بل يكفي فيه غلبة الظن.
وقوله: (بغير حق) لا يدل على أن قتل النبيين يكون بحق بل المراد بذلك أن قتلهم لا يكون إلا بغير حق، كما قال: " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به " (1). والمعنى ان ذلك لا يكون عليه برهان كما قال امرؤ القيس:
على لاحب لا يهتدى بمناره * إذا سافه العود الديا في جرجرا (2) وتقول: لا خير عنده يرجى. وأنت تريد لا خير عنده أصلا. وكذلك أراد امرؤ القيس أنه لا منار هناك، فيهتدى به قال أبو ذؤيب:
متفلق انشاؤها عن قاني * كالقرط صاو غيره لا يرضع أي ليس له بقية لبن فيرضع، ومعنى صاو في البيت صوت يابس النخلة.
وقوله: (ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس) معناه الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وقوله: " فبشرهم بعذاب أليم " إنما خاطبهم بذلك وإن كان الخبر عن أسلافهم من حيث رضواهم بافعالهم، فاجملوا معهم على تقدير فبشر أخلا؟ هم بأن العقاب لهم، وكأسلافهم. فان قيل لم جاز أن تقول إن الذي يقوم، فيكرمك، ولم يجز ليت الذي يقوم فيكرمك؟ قلنا: لان دخول الفاء لشبه الجزاء، لان الذي يحتاج إلى صلة فصلتها قامت مقام الشرط، فلذلك دخل الفاء في الجواب كما دخل في جواب الشرط، وليت تبطل معنى الجزاء وليس كذلك أن لأنها بمنزلة الابتداء.
قوله تعالى:
(أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما