" فهل عسيتم " فجمع، لأنه استغنى في الغائب عن الجمع كما استغني عن علامة الضمير في اللفظ، وليس كذلك المخاطب، فجرى في كل غائب على التوحيد، لامتناعه من من التصريف. وتقول: عسى أن يقوموا، فإذا قلت: عسيتم أن تقوموا جمعت.
وفي قوله " وهو كره لكم " حذف - في قول الزجاج وغيره - لان تقديره وهو ذو كره لكم، ويجوز أن يكون معناه: وهو مكروه لكم، فوقع المصدر موقع اسم المفعول، ومثله قولهم: رجل رضى بمعنى ذو رضى، ويجوز أن يكون بمعنى مرضي.
وقوله: " وهو شر لكم " فالشر السوء، وهو ضد الخير، تقول: شر يشر شرارة. شرار النار، وشررها لهبها، وشررت اللحم والثوت تشريرا: إذا بسطته، ليجف، وكذلك أشررته إشرارا، وأشررت الكتاب: إذا أظهرته، وشرة الشباب: نشاطه، وإنما قال الله تعالى: " والله يعلم "، تنبيها على أنه يعلم مصالحكم، وما فيه منافعكم، فبادروا إلى ما يأمركم به وإن شق عليكم.
والفرق بين الشهوة، والمحبة واضح، لان الصائم في شهر رمضان يشتهي شرب الماء، ولا يكون مآخذا به، ولا يحبه كما لا يريده، ولو أراده وأحبه، لكان مذموما، ويكون مفطرا - عند كثير من الفقهاء -.
وقوله: " والله يعلم وأنتم لا تعلمون " يدل على فساد قول المجبرة، لأنه تعالى إنما رغبهم في الجهاد، لما علم من مصالحهم، ومنافعهم، فيدبرهم لذلك، لا لكفرهم وفسادهم يتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
قوله تعالى:
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن