قوله تعالى:
" وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " " 163 " آية بلا خلاف.
المعنى:
يوصف تعالى بأنه واحد على أربعة أوجه أولها - إنه ليس بذي أبعاض ولا يجوز عليه الانقسام. الثاني - واحد في استحقاق العبادة. الثالث - واحد لا نظير له ولا شبيه. الرابع - واحد في الصفات التي يستحقها لنفسه، فهو قديم، وقادر لا يعجزه شئ، وعالم لا يخفى عليه شئ، فكل هذه الصفات يستحقها وحده، والواحد شئ لا ينقسم عددا كان أو غيره، ويجري على وجهين: على الحكم، وعلى جهة الوصف، فالحكم كقولك: الجزء واحد، والوصف كقولك: إنسان واحد، ودار واحدة.
ومعنى إله أنه يحق له العبادة، وغلط الرماني، فقال: هو المستحق للعبادة، ولو كان كما قال لما كان تعالى إلها فيما لم يزل، لأنه لم يفعل ما يستحق به العبادة. ومعنى ما قلناه: أنه قادر على ما إذا فعله استحق به العبادة. وقيل معنى إله انه منعم بما يستحق به العبادة، وهذا باطل لما قد بيناه، ولا يجوز أن يحيا أحد من الخلق بالإلهية، لأنه يستحيل ان يقدر أحد سوى الله على ما يستحق به العبادة من خلق الأجسام، والقدرة، والحياة، والشهوة، والنفاد، وكمال العقل، الحواس وغير ذلك، فلا تصح الآلهية الا له، لأنه القادر على ما عددناه، والآية تتصل بما قبلها وبما بعدها، فاتصالها بما قبلها، كاتصال الحسنة بالسيئة، لتمحو أثرها، وتحذر من مواقعتها، لأنه لما ذكر الشرك، وأحكامه أتبع ذلك بذكر التوحيد وأحكامه، واتصالها بما بعدها كاتصال الحكم بالدلالة على صحته، لان ما ذكر في الآية التي بعدها حجة على صحة التوحيد.
فان قيل: كيف يتصل الوصف بالرحمة بما قبله؟ قلنا، لان العبادة تستحق بالنعمة التي هي في أعلى مرتبة، ولذلك بولغ في الصفة بالرحمة، ليدل على هذا المعنى.