دعواهم أن المسيح أمرهم بعبادته.
والألف في قوله: " أيأمركم " ألف انكار وأصلها الاستفهام. وإنما استعملت في الانكار، لأنه مما لو أقر به المخاطب به، لظهرت صحته وبان سقوطه، فلذلك جاء الكلام على السؤال، وإن لم يكن الغرض تعرف الجواب.
وإنما لم تجز العبادة إلا لله تعالى، لأنها تستحق بأصول النعم من خلق القدرة، والحياة، والعقل، والشهوة، وغير ذلك مما لا يقدر عليه سواه. وليس في الآية ما يدل على أن في أفعال الجوارح كفرا، لان قوله: " أيأمركم بالكفر " معناه الامر باعتقاد أن الملائكة والنبيين أرباب، وذلك كفر لا محالة. ولم يجر في الآية، لتوجيه العبادة إليهم ذكر، فأما من عند غير الله فانا نقطع على أن فيه كفرا هو الجحد بالقلب، لان نفس هذا الفعل كفر، فسقطت شبهة المخالف.
قوله تعالى:
(وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) (81).
القراءة، والمعنى:
قرأ نافع " لما آتيناكم " على الجمع. الباقون على التوحيد بالتاء. وقرأ حمزة " لما " بكسر اللام. الباقون بفتحها. التقدير اذكروا " إذ أخذ الله ميثاق النبيين " لان (إذ) لما مضى ومعنى أخذ الميثاق من النبيين بنصرة من لم يلقوه ولم يدركوا زمانه هو أنهم ينصرونه بتصديقه عند قومهم، ويأمرونهم بالاقرار به، كما قيل: إنما أخذ الله ميثاق النبيين الماضين بتصديق محمد صلى الله عليه وآله، هذا قول علي (ع)